للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المسألة الثانية)

في أنه لا يجوز أن يعني بكلامه خلاف ظاهره، ولا يدل عليه ألبتة.

والخلاف فيه مع المرجئة:

لنا: أن الفظ الخالي عن البيان أبدا، يكون بالنسبة إلى غير ظاهره مهملا، وقد بينا أن التكلم بالمهمل غير جائز على الله تعالى.

فإن قيل: إن عنيت بالمهمل ما لا فائدة فيه ألبتة، فلا نسلم أن الأمر كذلك؛ لأنه تعالى، إذا تكلم بما ظاهره يقتضي الوعيد مع أنه لا يريد ذلك، حصل منه تخويف الفساق، والتخويف يمنعهم من الإقدام؛ فقد حصلت هذه الفائدة.

وإن عنيت به أنه لا يحصل منه فائدة الإفهام، فهو مسلم؛ لكن لم قلت: إن ما يكون كذلك، فإنه غير جائز على الله تعالى؟ فإن هذا أول المسألة.

والجواب: لو فتحنا هذا الباب، لما بقي الاعتماد على شيء من خبر الله، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما من خبر إلا ويحتمل أن يكون المقصود منه أمراً وراء الإفهام، ومعلوم أن ذلك ظاهر الفساد، والله أعلم.

(لا يجوز أن يعني الله تعالى بكلامه خلاف ظاهره، ولخلاف فيه مع المرجئة)

قال القرافي: تقريره: أن المرجئة تقول:

لا تضر معصية مع الإيمان كما لا تنفع طاعة مع الكفر، ويقولون: آيات الوعيد كلها التي ظواهرها العقوبة المراد منها خلاف ظواهرها وهو التخويف فقط، وناظرني بعضهم مرة واستدل على ذلك بقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>