للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر السرخسي أن المقصود بالصالحين هنا أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - (١). ويمكن القول بأن الكلمة عامة، وليس هناك ما يوجب تخصيصها بالشيخين. ولعل المقصود هو أن أحكام العلماء والأمراء ذوي العلم والأخلاق تشكل مثالاً يحتذى لمن بعدهم، وخصوصا إجماعات الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -. كما أن هذه الرواية تفيد أنه لا يجوز ترك الاجتهاد في المسائل الحادثة ممن هو أهل له، وأن الخطأ في الاجتهاك معفو عنه، وأنه يجب مراعاة مبدأ الاحتياط في المسائل المشتبه فيها (٢).

كما روى الشيباني عن عمر بن عبد العزيز أنه من الصفات المكملة للقاضي العلم بما كان قبله، ومشاورة أهل الرأي (٣).

وبعد ذكر الشيباني لهذه الروايات وأمثالها يقول: "وينبغي له أن يقضي بما في كتاب الله. فإن أتاه شيء لم يجده فيه قضى فيه بما أتاه عن رسول الله. فإن لم يجد فيه نظر فيما أتاه عن أصحاب رسول الله فقضى به. فإن كانوا اختلفوا فيه تحرى من أقاويلهم أحسنها في نفسه، وليس له أن يخالفهم ويبتدع شيئاً من رأيه. فإن لم يجده فيما جاء عنهم اجتهد في ذلك برأيه وقاسه بما جاء عنهم، ثم قضى بالذي يجمع رأيه عليه من ذلك ويرى أنه الحق. فإن أشكل عليه شيء يشاور رهطاً من أهل الفقه. فإن اختلفوا فيه نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فأخذ به. فإن رأى خلاف رأيهم أحسن وأشبه بالحق قضى بذلك. ولا يتعجل بالحكم إذا لم يتبين له الأمر حتى يتفكر فيه ويشاور أهل الفقه" (٤). وعلى هذا فالمصادر عند الشيباني يمكن عدها كما يلي: القرآن الكريم، السنَّة النبوية، إجماع الصحابة، أقوال الصحابة، الاجتهاد والقياس، آراء الفقهاء الآخرين. ويستخرج السرخسي من هذا الكلام أن قول الصحابي المعروف إذا لم يوجد له مخالف يقدم على


(١) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٩.
(٢) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٩.
(٣) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٦ و.
(٤) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٦ ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>