للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن ترك صلاة العيد من قبل الحُجاج قد فُسر بأنه "بذلك جرت السنَّة" (١). كما أن تطبيق "العَوْل" في المواريث قد جاء عن طريق السنَّة اعتباراً من عهد الصحابة (٢). ووصف قتل المرتد بأنه "الحكم والسنَّة" (٣).

إن مصطلح السنَّة يتضمن التطبيقات العامة للنبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام كما أفاد ذلك الأصوليون الأحناف (٤). وأصول هذا الفهم توجد في الأصل والمؤلفات الأخرى للشيباني. فإن كلمة السنَّة تستعمل في هذه المؤلفات بمعنى التطبيق العام المعروف للنبي أو الصحابة أو حتى التابعين (٥). فيروى عن الزهري أنه مضت السنَّة من النبي والخليفتين من بعده أنه لا شهادة للنساء في الحدود (٦). والتطبيق المأثور عن التابعي أبي عبد الرحمن السُّلَمِي (ت. ٧٣) - الذي علم الناس القرآن في مسجد الكوفة لمدة أربعين عاماً ابتداءً من عهد عثمان - رضي الله عنه - بكفاية السجدة الواحدة للتلاوة إذا قرئ في المجلس الواحد عدة آيات للسجدة وصف بأنه سنَّة (٧). في موضع آخر يفيد الشيباني تحريم "السنَّة والإجماع " لبعض أنول الزواج التي لم يصرح القرآن الكريم بتحريمها. ويتكرر ذكر "السنة والإجماع" في هذا المجال (٨). ففي هذه المواضع تفيد "السنَّة" فهم الأجيال الأولى وتطبيقاتها، ويفيد "الإجماع" كون هذا الفهم والتطبيق لا خلاف فيه.

وتُستعمل "السنَّة" في الحجة للشيباني على وجه يتشابه مع الأصل. ومن ذلك تعبير "سنَّة ماضية" أي سنَّة معروفة منذ زمان ماض قديم (٩). أما تعبير "سنَّة متبعة" الذي يوجد في رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، فيقصد به الطريقة المعروفة منذ القدم والتي يجب اتباعها في كيفية


(١) الأصل للشيباني، ٩/ ٢٠٣ و.
(٢) الأصل للشيباني، ٣/ ٢١٨ و.
(٣) الأصل للشيباني، ٥/ ١٣٤ و.
(٤) أصول السرخسي، ١/ ١١٣؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، ٢/ ٥٦٤.
(٥) الأصل للشيباني، ١/ ٦٢ ظ، ٨٣ ظ، ٣/ ٢ و، ٢١٨ و؛ نفس المؤلف، الحجة، ١/ ٢٤.
(٦) الأصل للشيباني، ٨/ ١٩٨ ظ، ٢٠٢ ظ.
(٧) الأصل للشيباني، ١/ ٦٢ ظ.
(٨) الأصل للشيباني، ٣/ ٢ و، ٢ ظ.
(٩) الحجة للشيباني، ٤/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>