للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحكم الثابت بالإجماع (١). وقام في مسألة بالقياس على الأثر المروي عن علي بن أبي طالب (٢). وفي مثال آخر يقول: "هذا قياس الصلاة على غير وضوء" (٣).

كما يتم القياس على أقوال الصحابة والتابعين كذلك يتم القياس على آراء أبي حنيفة وأبي يوسف، وتستحدث بذلك مسائل جديدة. ويعبر عن مثل هذه القياسات بقوله: "قياس قول أبي بكر"، "قياس قول الشعبي"، "قياس قول أبي حنيفة"، "قياس قول أبي يوسف"، ونحو ذلك (٤). وقد سمي هذا النوع من القياس فيما بعد بالتخريج، وقد أدى ذلك إلى نمو المذهب وازدياد عدد مسائله وفروعه، كما أدى إلى تقوية الترابط بين فروع المذهب.

وأثناء القيام بالقياس يقال بأنه لا "فرق" بين المسألتين، وأن المسألتين "تشبه" بعضهما بعضاً. فمثلاً يقول: "إنما ينبغي أن يقاس ما لم يأت فيه أثر بما يشبهه مما جاء فيه الأثر" ونحو ذلك (٥). ويصور الرأي المخالف للقياس بأنه التفريق بين أمرين ليس بينهما فرق في الحقيقة (٦). وكلمتا الفرق والشَّبَه مما يكثر استعمالهما في أصول الفقه فيما بعد في مباحث القياس.

[٥ - حجية القياس وحدودها]

هناك عبارة جالبة للانتباه في حجية القياس، يقول الشيباني: "الآثار لا تجيء في الأشياء كلها ولكن تجيء في بعض، ويقاس ما لم يأت فيه أثر بما جاءت فيه آثار"، وأن عدم اتباع ذلك هو تحكُّم (٧). وهذه العبارة تذكرنا بالعبارة الشهيرة في أصول الفقه والتي تقال أثناء الاحتجاج للقياس، وهي أن النصوص متناهية والحوادث غير متناهية فيجب قياس ما لم يرد في النصوص


(١) الحجة للشيباني، ٢/ ٣١٣.
(٢) الأصل للشيباني، ١/ ١٢٥ ظ.
(٣) الأصل للشيباني، ١/ ١٥٨ و.
(٤) وقد تم بحث مثل هذه العبارات فيما تقدم.
(٥) الحجة للشيباني، ١/ ١٩، ٤٤، ٤٥، ٢/ ٦٦١، ٦٦٤ - ٦٦٥.
(٦) الحجة للشيباني، ١/ ٨٤، ٢/ ٥٦٣.
(٧) الأصل للشيباني، ٨/ ٢٥٣ و.

<<  <  ج: ص:  >  >>