للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في واحد من المالين برأيه فخلطهما قبل أن يربح في واحد منهما شيئاً فهما على المضاربة، ولا ضمان عليه في واحد منهما. ولو كان ربح في كل واحد منهما ربحاً قبل أن يخلطهما، ولم يأمره أن يعمل في واحد منهما برأيه، فخلطهما، ضمن المالين جميعاً، وحصة رب المال من الربح الذي كان قبل أن يخلطهما. وما ربح في المالين جميعاً بعد خلطهما فإنه للمضارب خاصة، ويتصدق به إلا حصة الربح الذي ربح قبل أن يخلطهما، فإن ذلك حلال له، لا بأس به. ومن ذلك لو أن رجلاً دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، ثم دفع إليه (١) بعد ذلك ألف درهم مضاربة، والمضاربتان (٢) جميعاً بالنصف، ولم يأمره أن يعمل في ذلك برأيه، فربح في كل ألف ألفاً مثلها، ثم خلط المال كله، فعمل به، فربح ألفاً، فإن المال كله للمضارب، ويضمن لرب المال ثلاثة آلاف درهم، ألفان (٣) رأس ماله، وألف ربحه من المضاربتين جميعاً قبل أن يخلطهما، ويسلم للمضارب من هذا المال جميع الذي غرم، فيطيب له، ويبقى في يديه ألفا درهم، فيكون له من ذلك ألف درهم، حصته من الربح الذي كان له قبل أن يخلط المال، فيطيب له ذلك، ويبقى له ألف درهم، يكون له منها مائتا درهم وخمسون، حصة هذا الربح، فيطيب له، ويتصدق بما بقي من المال، وهو سبعمائة درهم وخمسون درهماً، وذلك حصة مال رب المال من الربح الذي كان بعد خلط المضاربتين، فيكون ذلك للمضارب بضمانه المال، إلا أنه ينبغي له أن يتصدق به في قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف في هذا كله فإن الربح له لا يتصدق بشيء منه، لأنه ضمن فطاب له الربح. ولو أن رب المال كان أمره في المضاربتين جميعاً أن يعمل فيها (٤) برأيه، فعمل، فربح في كل واحد من المالين ألف درهم، ثم خلطهما بعد ذلك، فربح فيهما ألفاً، لا ضمان عليه في شيء من ذلك، والمضاربة على حالها بينهما على ما اشترطا، لأنه كان أمره أن يعمل فيها برأيه، فلذلك لا يضمن.


(١) ص - إليه.
(٢) ص: والمضاربتين.
(٣) ص: ألفين.
(٤) ص: فيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>