للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بأس به. قلت: ولمَ وهو متردي؟ قال: مِن قِبَل قول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، وقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} (١). وكل شيء من هذا إذا أدركت ذكاته قبل أن يموت فلا بأس بأكله، من قبل قول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}. قلت: أرأيت المُنْخَنِقَة ما هي؟ قال: شيء تصنعه المجوس، يعمد أحدهم إلى الشاة فيخنقها ثم يدعها حتى تموت، فهذه لا تؤكل إلا أن يدرك ذكاتها فيذكيها قبل أن تموت. قلت: أرأيت النَّطِيحَة ما هي؟ قال: الشاة تنطح الشاة أو الثور ينطح الثور فيموت، فهذا لا يؤكل، فإن أدركت ذكاته فذكيته فلا بأس بأكله. قلت: أرأيت المَوْقُوذَة ما هي؟ قال: شيء تصنعه المجوس، يعمدون (٢) إلى الشاة فيضربونها بالخشب حتى إذا وَقَذُوها (٣) تركوها حتى تموت، فإن أدركت ذكاتها فذكيتها فلا بأس بأكلها. وكذلك مَا أَكَلَ السَّبُع فإن أدركت الذكاة فذكيته قبل أن يموت فلا بأس بأكلها. قلت: أرأيت ما ذُبِحَ على النُّصُب ما هو؟ قال: شيء يصنعه قوم من المشركين، يذبحون ذبائحهم على أنصاب (٤) لهم من حجارة ويسمون باسمها. قلت: أرأيت قوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}؟ قال: كانوا إذا فعلوا ذلك استقسموا عليها بالقِدَاح (٥). وكل (٦) شيء أدركت ذكاته مما ذكرت من ذلك فذكيته قبل أن يموت فلا بأس بأكله.


(١) سورة المائدة، ٥/ ٣.
(٢) ت: فيعمدون.
(٣) ت: إذا أوقذوها. وَقَذَه وَقْذا من باب وعد، ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت، فهو وَقِيذ وموقوذ. انظر: المغرب، "وقذ".
(٤) النُّصُب حجر نُصِب وعُبد من دون الله، وجمعه أنصاب، وقيل: النُّصُب جمعٌ واحدها نصاب، قيل: هي الأصَنام، وقيل: غيرها، فإن الأصنام مصوّرة منقوشة، والأنصاب بخلافها، والنَّصْب وِزَان فَلْس لغة فيه. انظر: المصباح المنير، "نصب".
(٥) قِدْح السهم بالكسر عُوده المَبْرِيّ قبل أن يُراش ويُنَصَّل، والجمع قدَاح. انظر: المغرب، "قدح".
(٦) م: بكل؛ ت: فكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>