للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاء المعتق الأول له (١) على حاله. ولو كان رجل من (٢) الروم لا عشيرة له دخل بأمان فاشترى عبداً، ثم رجع إلى دار الحرب فأُسِرَ ثم أُعْتِقَ، فإنه مولى للذي أعتقه، ومولاه مولى له على حاله. ولو لم يعتق لم يكن لمولاه أن يوالي أحداً. ولو أن رجلاً مسلماً دخل دار الحرب بأمان، أو حربي فأسلم في دار الحرب، ثم أعتق عبداً اشتراه في دار الحرب، ثم أسلم عبده (٣)، فإنه في القياس لا يكون مولاه، وله أن يوالي من شاء. وقال أبو حنيفة: لا يكون مولاه. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: أجعله مولاه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو أن العبد المعتق لم يأت مسلماً ولكنه سُبِيَ فأُعْتِقَ في دار الإسلام كان عتقه الآخر ينقض عتقه الأول، وكان مولى للمعتق الآخر يرثه ويعقل عنه.

وحدثنا محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتق سبعة ممن كان يُعَذَّبُ في الله: صهيب وبلال، وسماهم لنا (٤). فهذا جائز، وولاؤهم لأبي بكر رضوان الله عليه. قال أبو حنيفة: ولاؤهم لأبي بكر - رضي الله عنه - لأنه أعتقهم قبل أن يؤمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقتال وقبل أن تكون مكة دار حرب. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أعتق زيد بن حارثة - رضي الله عنه - فصار مولاه (٥). وهذا قبل الهجرة وقبل فريضة الله تعالى القتال. فهذا جائز. وكذلك كل عتق كان في الجاهلية قبل الإسلام وكان بمكة قبل الهجرة وقبل أن يؤمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقتال، وإنه جائز. وإنما افترق أمر دار الحرب ودار (٦) الإسلام حيت هاجر


(١) ط - له.
(٢) ط + أهل.
(٣) غ: عنده.
(٤) رواه أيضاً ابن عيينة في تفسيره من طريق هشام. انظر: تغليق التعليق لابن حجر، ٣/ ٢٦٧؛ والإصابة لابن حجر، ٤/ ١٧١. وإعتاق أبي بكر لبلال - رضي الله عنهما - مروي في صحيح البخاري، المناقب، ٢٣.
(٥) السيرة النبوية لابن هشام، ٢/ ٨٧؛ والطبقات الكبرى لابن سعد، ١/ ٤٩٧؛ والإصابة لابن حجر، ٢/ ٥٩٨.
(٦) م ف غ ط: في دار. والتصحيح من ب جار.

<<  <  ج: ص:  >  >>