للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقض عليه فهو دين عليه الأقل من الجناية ومن قيمته؛ لأنه قد وجب عليه ذلك وهو مكاتب، فلا أبالي أخوصم فيه إلى القاضي أو لم يخاصم. ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه وهو مكاتب لم يقض عليه إلا بما ذكرت لك: بالأقل من الجناية ومن القيمة. ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك إلى قول أبي حنيفة، وهو قول محمد؛ لأنه دخل عليه فيه. ألا ترى لو أن رجلاً جنى عبده (١) جناية فكاتبه وهو لا يعلم ثم عجز ثم جاء ولي المجني عليه دفع إليه (٢). ألا ترى أن هذا لم يمنع عبده (٣) قط من أن يدفعه إليه؛ لأنه جنى وهو عبد، وطلبت (٤) الجناية قبله وهو كذلك، فيدفعه إليه. ولا يستقيم أن يكون عليه قيمة عبده وهو عبده على حاله يقدر على دفعه بجنايته ولم يخرج من ملكه. ألا ترى أنه لو خاصمه المجني عليه وهو مكاتب لم يقض عليه إلا بما ذكرت لك من الجناية أو من القيمة.

قلت: أرأيت المكاتب إذا قتل رجلاً خطأ أو رجلين أو ثلاثة أو جنى جنايات كثيرة وهو مكاتب، ثم عجز قبل أن يقضى عليه بشيء من تلك الجنايات، ما القول في ذلك؟ قال: مولاه بالخيار؛ إن شاء دفع المكاتب، وإن شاء فداه في ذلك كله كأنه جنى وهو عبد. فإن دفعه كان العبد بينهم على قدر جناياتهم، وإن فداه أدى كل رجل منهم أرش جنايته.

قلت: أرأيت مكاتباً جنى جناية أو جنايات كثيرة فأعتقه سيده قبل أن يعجز ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز، وينظر إلى الجنايات يوم جنى وإلى قيمته يومئذ، فيكون على المكاتب من ذلك ديناً عليه. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد وجب عليه ذلك يوم جنى. ألا ترى أنه لو خاصمه إلى القاضي على تلك الحال قضى عليه بالأقل من الجنايات ومن قيمته. قلت: أرأيت إن كانت قيمته أقل من الجنايات يقضي القاضي عليه بالقيمة بعدما أعتقه المولى كيف تكون (٥) القيمة بينهم؟ قال: تقسم القيمة بينهم على


(١) م ف ز ط: عنده.
(٢) م ز ط: عليه.
(٣) م ز ط: عنده.
(٤) ز: فطلبت.
(٥) ز: يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>