للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية (١). وأخذها عنه سحنون بن سعيد، صاحب المدونة التي هي أساس الفقه المالكي، ثم عرضها على ابن القاسم أيضاً (٢). فقد لجأ أصحاب الإمام مالك إلى الاستفادة من الفقه الحنفي في وضع المسائل وتوسيع الفقه المالكي، والسؤال هو نصف العلم كما يقال.

أما الإمام الشافعي (ت. ٢٠٤) فقد درس الفقه الحنفي دراسة دقيقة على يدي الإمام محمد بن الحسن. وقد حمل عنه وقر بعير كتباً، كما قال (٣). وكان يعترف بالفضل للإمام أبي حنيفة واضع المذهب، واشتهر قوله: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة" (٤). كما كان يعترف بالفضل للإمام محمد بن الحسن. فقد قال له رجل يوماً: "خالفك الفقهاء، فقال: هل رأيت فقيهاً قط، إلا أن يكون محمد بن الحسن"؛ وقال أيضاً: "أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن" (٥).

قال النووي: "أبو العباس بن سُريج الشافعي (ت. ٣٠٦)، هو أحد أعلام أصحابنا، بل أوحدهم بعد الذين صحبوا الشافعي، وهو الذي نشر مذهب الشافعي وبسطه. قال الخطيب البغدادي: هو إمام أصحاب الشافعي في وقته، شرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع، وصنف كتباً في الرد على المخالفين من أصحاب الرأي. وقال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته: كان ابن سريج من عظماء الشافعيين، وكان يفضَّل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي يقول: فَرَّعَ على كتب محمد بن الحسن … وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق" (٦).


(١) سير أعلام النبلاء، ١٠/ ٢٢٦.
(٢) الموضع السابق.
(٣) الانتقاء لابن عبد البر، ٦٩، ١٧٤، وطبقات الفقهاء للشيرازي، ١٤٢، وسير أعلام النبلاء، ١٠/ ٧.
(٤) تاريخ بغداد، ١٣/ ٣٤٦؛ وتهذيب التهذيب، ١٠/ ٤٠٢.
(٥) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٦.
(٦) تهذيب الأسماء، ٢/ ٥٣٠ - ٥٣١؛ ووفيات الأعيان، ١/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>