للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع لا يجوز. فإن ضاع ذلك عندهما فكل واحد منهما ضامن لما قبض من صاحبه؛ لأنه لا يجوز ما صنعا في أموالهما إذا تهدد بالحبس والتقييد، فيكون ما أعطى من مالهما على وجه البيع والهبة والوديعة وغير ذلك لا يجوز عليهما، ويكون ما قبض كل واحد منهما على التهدد بالحبس والتقييد لا يجوز، فكذلك لا يجوز على واحد منهما البيع، ويضمن كل واحد منهما ما قبض من صاحبه. ولا ضمان في هذا على الذي أكرههما؛ لأنه لم يكرههما بأمر يخاف منه (١) التلف. ألا ترى أنه لو قال لرجل في يديه مال: أودع هذا الرجل مالك أو لأحبسنك أو لأقيدنك، وأبى الآخر أن يقبل الوديعة، فقال: لتقبلن الوديعة أو لأحبسنك أو لأقيدنك، ولا يخافان (٢) منه تلفاً إلا ما أكرههما به، ودفع صاحب الوديعة وديعته، وأخذها الآخر فضاعت عنده لم يكن على الآخر ضمان؛ لأنه لم يأخذها لنفسه، إنما أخذها للذي أعطاها إياه. ولا ضمان على الذي أكرههما أيضاً؛ لأنه لم يكرههما بأمر يخافان منه تلفاً. ولو قال: أكرهك بالحبس والتقييد حتى تهب مالك لهذا الرجل وتدفعه إليه، وأبى الآخر أن يقبل، فقال: أهددك بالحبس والتقييد حتى تقبل وتقبض، ففعلًا، فضاعت الهبة عند الموهوب له، فالموهوب له ضامن للهبة؛ لِأَخْذِهَا (٣) على أنها له. ولا ضمان على الذي أكرههما؛ لأنه أكره المعطي بغير تلف. ولو أكره المعطي بالحبس والتقييد (٤) وأكره الآخر بالسيف فقال (٥): لتأخذن الهبة أو لأقتلنك، فأخذ الهبة فضاعت عنده، فلا ضمان على الذي أكرههما؛ لأنه إنما أكره المعطي بغير تلف. ولا ضمان على الآخذة لأنه أكره على الأخذ بتلف، وقد بطل حق المعطي؛ لأنه فيه كأنه غير مكره حين أكره بغير تلف. ولو أكره المعطي بتلف فقال له: لتعطينه مالك هذا هبة أو لأقتلنك أو أقطع منك عضواً، وقال ذلك له قولًا وهو يخاف ذلك منه، وقال للقابض: لتأخذن منه (٦) أو لأحبسنك أو لأقيدنك، وليس يخاف منه غير ذلك، فقبض الهبة فضاعت عنده، فصاحب المال


(١) م ف ز: فيه.
(٢) ز: يخاف.
(٣) م: لا أخذها.
(٤) ز: والقيد.
(٥) ف: فيقال.
(٦) م: ثمنه؛ ز: هبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>