للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتلوا رجالهم، أيشتري أهل العدل من ذلك السبي شيئاً؟ قال: لا. قلت: ولم وإنما صالحهم وأمّنهم غيرهم؟ قال: لأن الذي صالحهم قوم من (١) المسلمين. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يسعى بذمتهم أدناهم" (٢). قلت: فلو أن أهل البغي ظهروا على أهل العدل حتى ألجأوهم إلى دار الشرك، فدخلوا دار الشرك بأمان (٣)، أيحل لهم أن يغيروا مع أهل الشرك فيقاتلوا (٤) [مع] المشركين؟ قال: لا. قلت: لمَ؟ قال: لأن حكم أهل الشرك ظاهر عليهم. قلت: أفيحل لأولئك النفر من أهل العدل أن يستعينوا بأهل الشرك على أهل البغي من المسلمين وحكم أهل الشرك ظاهر؟ قال: لا ينبغي لهم ذلك. قلت: لمَ؟ قال: لأن حكم أهل الشرك هو الظاهر الغالب. ألا ترى أن أهل العدل مستأمنون (٥) في أرضهم. فأنا أكره للمسلمين أن يقاتلوا أهل الشرك مع أهل الشرك، فيُقاتَلُ أهلُ الإِسلام مع أهل الشرك أشد. قلت: أرأيت إذا أغار قوم من أهل الشرك على أهل الدار التي هم فيها فقاتلوهم وسبوهم فخاف المسلمون المستأمنون على أنفسهم أيقاتلون (٦) ليدفعوا عن أنفسهم؟ قال: نعم، لا بأس بالقتال في هذه الحال. قلت: وكذلك لو كان الذين غزوهم أهل البغي فهزموا المشركين وسبوهم ثم خلصوا إلى أهل العدل المستأمنين فأرادوا قتالهم، أترى لهم أن يدفعوا عن أنفسهم؟ قال: نعم، لا بأس بالقتال (٧) في هذه المنزلة. قلت: أرأيت إن كان أهل الشرك هم الذين يظهرون على أهل البغي، فسبوا الذراري من أهل البغي من المسلمين وأهل الذمة، فمروا بهم على أولئك المستأمنين، أيسعهم


(١) م ف ز ط + أهل. وعبارة السرخسي: لأنهم من المسلمين. انظر: المبسوط، ١٠/ ١٣٣.
(٢) تقدم الحديث بإسناد المؤلف في أوائل كتاب السير، وتقدم تخريجه هناك. انظر: ٥/ ١١٥ ظ.
(٣) م: بان؛ ط - بأمان.
(٤) م ف: فيقاتل؛ ز: فقاتل. والتصحيح من ب.
(٥) ز: مستأمنين.
(٦) ز: أيقاتلوا.
(٧) ف ز: بالقتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>