للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبسوط، وذكر أنه المسمى بالأصل، ثم ذكر أن للإمام محمد أيضاً كتاباً يحمل اسم المبسوط (١). وينبغي أن نذكر أن كتاب الأصل وإن كان من تأليف محمد بن الحسن في حالته الأخيرة التي تداولها الفقهاء الأحناف فيما بينهم إلا أننا لا نكون مجافين للحقيقة والإنصاف إذا اعتبرنا كتاب الأصل عملاً مشتركاً بين الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. فأبو حنيفة هو المؤسس وواضع المسائل ابتداءً، وهو أستاذ أبي يوسف ومحمد، وأبو يوسف هو الراوي الأول لتلك المسائل ومصنف تلك الكتب ابتداءً من عهد أبي حنيفة، ومحمد هو الراوي الثاني الذي جمع علمي أبي حنيفة وأبي يوسف وهذبه وزاد عليهما تفريعاً ودراسة ونشره في الآفاق.

والإمام أبو حنيفة وإن لم يؤلف كتاباً في الفقه بنفسه إلا أن تلاميذه قد دونوا آراءه في حياته. فقد كان تلاميذه ومن بينهم أبو يوسف يدونون آراء أبي حنيفة في مجلسه بعد تداول الآراء في المسألة ومناقشتها ومن ثم استقرار آراء تلاميذه الفقهاء في ذلك المجلس الفقهي على رأي واحد (٢).

وقال أسد بن الفرات: "كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلاً، وكان في العشرة المتقدمين أبو يوسف وزفر وداود الطائي وأسد بن عمرو ويوسف بن خالد السمتي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة" (٣). حتى إن هذه الكتب التي هي أساس كتاب الأصل قد سميت بكتب أبي حنيفة (٤)، لأنه هو المؤسس لهذه المدرسة التي تربى فيها أبو يوسف ومحمد وغيرهما، وهو الذي دونت آراؤه في هذه الكتب بالدرجة الأولى. وهذا هو المعنى الذي يقصده ابن النديم بقوله: "والعلم براً وبحراً، شرقاً وغرباً، بعداً وقرباً، تدوينه - أي أبي حنيفة -


(١) كشف الظنون، ٢/ ١٥٨١.
(٢) تاريخ ابن معين، ٥٠٤٣؛ وتاريخ بغداد، ١٣/ ٤٢٤؛ وفقه أهل العراق للكوثري، ٥٦.
(٣) الجواهر المضية، ١/ ١٤٠.
(٤) تاريخ بغداد، ٣/ ٣٣٨؛ والإكمال، ٧/ ٦١؛ وتهذيب الكمال، ١٩/ ٩٨؛ وسير أعلام النبلاء، ١٠/ ٢٢٦؛ والجواهر المضية، ١/ ٤١٢؛ وتهذيب التهذيب، ٩/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>