للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا جاء الرجل بالغلام الصغير إلى السوق فقال: هذا ابني فبايعوه، والصبي يعقل الشراء والبيع، فبايعوه فلحقه دين، ثم إن رجلاً أقام البينة أن الغلام ابنه، فإن الدين يبطل عن الصبي ولا يرجع عليه بقليل ولا كثير في صغره. وكذلك إذا بلغ الصبي لم يلحقه من الدين قليل ولا كثير (١)، ولكن الغرماء يرجعون على الذي غرهم (٢) بجميع الدين؛ لأنه غرهم من دينهم. ولا يبطل حق الغرماء أن يكون الذي غرهم أخبرهم بأنه حر؛ لأن الصبي لا يجوز عليه شيء من الدين إلا بإذن أبيه (٣). والغرور من الحر بمنزلته في العبد. ألا ترى أن رجلاً لو زوج رجلاً امرأة على أنها حرة فوطئها الزوج فجاءت بولد، ثم إن رجلاً استحقها فقضي له بها وبعقرها وبقيمة ولدها على زوجها، رجع الزوج بذلك على الذي زوجه وغيره. فكذلك الأب إذا غير (٤) الغرماء من الغلام فقال: هذا ابني فبايعوه فقد أذنت له في التجارة، فلحقه دين، ثم جاء رجل فاستحقه وأقام البينة أنه ابنه، فإن الغرماء يرجعون على الأب بدينهم؛ لأنه غرهم منه. وكذلك وصي الأب إذا غرهم. وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن له أب ولا وصي أب (٥).

وإذا أتى الرجل بعبد إلى السوق فقال: هذا عبدي فبايعوه، وهو مدبر فلحقه دين، ثم إن رجلاً أقام البينة أنه عبد له مدبر فاستحقه، فإن الدين يبطل عن العبد حتى يعتق، ولا ضمان على الذي غرهم من قيمة العبد؛ لأنه أخبرهم أنه مدبر. فإن وهب للعبد مال أو أَغَلَّ غَلَّة أو اكتسب مالاً لم يكن للغرماء على الذي غرهم قليل ولا كثير؛ لأنه لم يغرهم من كسبه؛ لأن كسبه يوم غرهم ليس بمال. ألا ترى أن رجلاً لو قال لقوم: بايعوا عبدي هذا فقد أذنت له في التجارة، فبايعوه وذهب للعبد مال واستحق العبد رجل فأخذه وأخذ ماله، أن الغرماء لا يضمنون الذي غرهم قليلاً ولا كثيراً (٦). ولو قتل المدبر في يدي مولاه الذي استحقه ضمن الذي غرهم


(١) ف - في صغره وكذلك إذا بلغ الصبي لم يلحقه من الدين قليل ولا كثير.
(٢) ز: غرم.
(٣) ز: ابنه.
(٤) ف: إذا اغر.
(٥) ف - أب.
(٦) ز: قليل ولا كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>