للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صاحبه من هذه الشروط شيء (١). ألا ترى أن رجلاً لو جاء إلى رجل وقد خرج زرعه في أرضه فصار بَقْلاً (٢)، فعامله عليه على أن يقوم عليه ويسقيه حتى يستحصد، فما أخرج الله تعالى منه من شيء كان بينهما نصفان كان ذلك جائزاً. ولو جاء إليه وقد استحصد زرعه وبلغ، فعامله على أن يحصده بالنصف، كان ذلك فاسداً. فإن حصده كان له أجر مثله، ولم يكن له من الزرع شيء. وكذلك لو قال له: تحصده وتنقله إلى البَيْدَر وتدوسه وتَذْرِيه (٣) وتُنقيه وتحمله إلى منزلي في موضع كذا وكذا بالنصف، كان هذا فاسداً لا يجوز؛ لأن هذا ليس يجوز فيه ما يجوز في الزرع. إنما جاء الأثر في المزارعة والمضاربة، فأخذنا فيهما (٤) بما جاءت به الآثار، وأخذنا فيما سواهما بالقياس، فلم نجز من ذلك شيئاً.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً وبذراً، على أن يزرع ذلك ويعمل فيه سنته هذه بنفسه وأعوانه، على أن ما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء (٥) فهو بينهما نصفان، فبَذَرَ فخرج زرعاً كثيراً، فصار قَصِيلاً (٦) ولم يستحصد، فقال المزارع: الحفظ علينا جميعاً، وقال رب الأرض والزرع: الحفظ عليك، فإن الحفظ على المزارع الذي اشترط عليه العمل حتى يستحصد. فإن استحصد فمنعهم السلطان من حصاده، أو لم يقدروا على حصاده، فإن حفظه على المزارع وصاحب الأرض نصفان، على قدر ما لهما من الزرع. وكذلك حفظه بعدما يحصد وحفظه في البَيْدَر وحفظه في الدِّيَاسة. وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع الذي يعمل كان بمنزلة هذا في جميع ما وصفت لك في هذا الوجه.


(١) ز: شيئاً.
(٢) المقصود بالبقل هنا أنه أخضر لمّا يدرك. انظر: المغرب، "بقل".
(٣) ز: وتدرسه وتذره. ذَرَوْت الطعام تَذْرُوه وذَرَيْته تَذْرِيه لغتان، إذا خلّصته من تبنه في الريح. انظر: تاج العروس، "ذرا".
(٤) ز: فيها.
(٥) م - من شيء.
(٦) القَصْل: قطع الشيء. ومنه القَصِيل، وهو الشعير يجز أخضر لعلف الدواب. والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، قصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>