للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وولدها يضرب في قيمتها الغرماء (١) بجميع دينهم، ويضرب في ذلك الأجير بقيمة الجارية وولدها. فكذلك المزارعة.

وإذا دفع الرجل المريض إلى الرجل أرضاً له وبذراً على أن يزرعها هذه السنة، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، فزرعها المزارع، فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، ثم مات المريض وليس له مال غير ذلك، وعليه دين كثير، وحصة المزارع من الزرع حين خرج من الأرض أكثر من أجر مثله، فإن الأرض والزرع يقسم بين الغرماء، يضرب فيه الغرماء بدينهم، ويضرب فيه المزارع بقدر أجر مثله، فما أصاب المزارع أخذ من الطعام، وما أصاب الغرماء بيع فقسم بينهم بالحصص؛ لأن هذا كانت فيه وصية، وإنما ينظر إلى قيمته يوم يختصمون قلت الوصية أو كثرت، ولا يشبه هذا المضاربة. لو أن رجلاً مريضاً دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة على أن الربح بينهما نصفان، فعمل الرجل (٢)، فربح عشرة آلاف درهم، ثم مات المريض وليس له مال غير ذلك، وأجر مثل المضارب فيما عمل مائة درهم، فإن الورثة يأخذون رأس المال، وما بقي فهو بينهم وبين المضارب نصفان، ولا ينظر في هذا إلى أجر مثله؛ لأن رأس المال قد رجع إلى ورثة المضارب، والربح مال لم يكن لرب المال، فالشرط فيه جائز على ما اشترطوا. والبذر في الأرض ليس يرجع إلى رب الأرض فيه رأس ماله ويكون ما بقي بينهما، إنما يكون ما خرج بينهما، فلا بد من أن يكون ذلك وصية. ولو كان يرجع إلى صاحب البذر رأس ماله ويكون ما بقي بينهما كما يكون في المضاربة لجاز ذلك على ما جازت عليه المضاربة. فلذلك اختلفا. ولا ينظر في هذا (٣) إلى قيمة البذر أيضاً؛ لأن البذر لم يصر للمزارع فيه شيء بعمله، إنما يكون له النصف مما يخرج منه. إنما ينظر إلى ما يخرج منه؛ لأنه هو الذي صار للمزارع بعمله. فإن كان مثل أجر المزارع أو أقل فلا وصية له. وإن كان أكثر من أجر المزارع كانت


(١) م ف ز: للغرماء.
(٢) ف: الربح.
(٣) ز: إلى هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>