للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتأخيرها، نحو: الجبد والجدب.

وقيل: المدح أعم من الحمد؛ لأن المدح يكون بأوصاف موجودة وبأوصاف معدومة (١)، وأما الحمد فلا يكون إلا بأوصاف موجودة (٢).

دليل هذا القول: قوله عليه السلام: "احثوا التراب في وجوه المداحين" (٣) معناه: خيبوهم من العطاء؛ لأنهم إلى الكذب أقرب، ولم يُروَ عنه قط أنه حثا التراب في وجوه المداحين (٤)؛ لأن أوصافه متحققة موجودة بخلاف غيره، فإن أوصافه متوهمة معدومة.

وها هنا ثلاثة ألفاظ، الحمد، والمدح، والمده، ولا خلاف في (٥) أن المده بالهاء مرادف للمدح بالحاء؛ لأن الهاء مبدلة من الحاء، وإنما الخلاف فيما


(١) في ط: "موجودات وأوصاف محذوفة".
(٢) في ط: "موجودات".
(٣) أخرجه الإمام مسلم عن همام بن الحارث أن رجلاً جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد فحثا على ركبتيه، وكان رجلاً ضخمًا فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب".
انظر: صحيح مسلم، كتاب الزهد، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط (٨/ ٢٢٨).
وأخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في كراهية التمادح، رقم الحديث ٤٨٠٤ (٤/ ٢٥٤).
وأخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب ما جاء في كراهية المداحة والمداحين، رقم الحديث ٢٣٩٥ (٧/ ١٢١، ١٢٢).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ج ٦/ ٥.
(٤) في ط: "في وجه من مدحوا".
(٥) "في" ساقطة من ط.