للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاعل، ويقال: تعبده الله بكذا، إذا كلفه عبادته فهو متعبد بفتح الباء اسم مفعول.

قال المؤلف في الشرح (١): المختار أن نقول: متعبد، بكسر الباء فيما قبل النبوة.

ونقول: متعبد، بفتح الباء فيما بعد النبوة، قال: وهو الصواب، وهو الذي يظهر لي.

قال: والدليل على ذلك أنه عليه السلام قبل النبوة كان ينظر إلى ما عليه الناس فيجدهم على حالة لا تليق لصانع العالم فكان يخرج إلى غار حراء يتحنث فيه أي: يتعبد ويقترح أشياء من ذاته لقربها من المناسب في اعتقاده، ويخشى ألا تكون مناسبة لصانع العالم، فكان من ذلك في أمر عظيم وكرب شديد، حتى بعثه الله سبحانه، وعلمه جميع طرق الهداية، وأوضح له جميع مسالك الضلالة، فزال عنه ذلك الثقل الذي كان يجده، وهو المراد بقوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (٢) على أحد التأويلات (٣) أي: ووضعنا عنك الثقل الذي كنت تجده من أمر العبادة والتقرب.

وهذا يقتضي أن نقول: متعبد بكسر الباء؛ لأنه عليه السلام يقترح أشياء من ذاته لاعتقاده مناسبتها لجانب الربوبية، وذلك يقتضي أنه لم يكلف


(١) انظر: الشرح ص ٢٩٥ - ٢٩٦، وانظر أيضًا: شرح المسطاسي ص ٤٨.
(٢) سورة الشرح الآيتان رقم ٢، ٣.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٥٢٤، والدر المنثور للسيوطي ٦/ ٣٦٣، وقد ذكر هذا التفسير عن مجاهد وغير واحد من السلف.