للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثال ما شأنه أن يكون متواترًا لغرابته وشرفه: معجزات الرسول عليه السلام، ففيها الغرابة، لأنها من خوارق العادات (١) وفيها الشرف لأنها أصل النبوة (٢)، فإذا لم يتواتر شيء من ذلك ولم ينقله إلا واحد فإنه يدل على كذب المخبر (٣)، ولكن بشرطين:

أحدهما: أن يحضره جمع كبير.

والثاني: ألا يقوم غيره مقامه في حصول المقصود منه.

فقولنا: أن يحضره جمع (٤) كبير، احترازًا من انشقاق القمر (٥)


(١) "العادة" في ز.
(٢) انظر: شرح القرافي ص ٣٥٥، والمسطاسي ص ١٠٢.
(٣) "الخبر" في ز.
(٤) "جميع" في ز.
(٥) انشقاق القمر معجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهرت على يديه لإقامة الحجة على الكافرين، وقد كثرت فيها الأحاديث حتى قال بعض العلماء: إنه مما تواتر، فقد روي في ذلك أحاديث عن ابن مسعود وعلي وحذيفة وجبير بن مطعم وأنس وابن عمر وابن عباس روى بعضًا منها البخاري ومسلم، والأمة متفقة على أن الانشقاف حدث في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: انشق القمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - شقتين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اشهدوا". أخرجه البخاري في المناقب رقم ٣٦٣٦، وانظر صحيح مسلم في كتاب صفة القيامة الحديث رقم ٢٨٠٠، والترمذي في التفسير رقم ٣٢٨٥.
وقد ورد حديث أنس أن ذلك كان بمكة وفيه: "أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر" أخرجه البخاري برقم ٣٦٣٧ في المناقب، وانظر مسلم رقم ٢٨٠٢، في كتاب صفات المنافقين، والترمذي رقم ٣٢٨٦ في التفسير. وانظر روايات أخرى للحديث في البخاري برقم ٣٦٣٨ عن ابن عباس في المناقب، وفي مسلم عنه أيضًا برقم ٢٨٠٣ في صفات المنافقين، وانظر مسلم أيضًا رقم ٢٨٠١ عن ابن عمر، وعنه أيضًا في الترمذي برقم ٣٢٨٨.
وانظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٢٦١ وما بعدها، وتفسير أبي حيان ٨/ ١٧٣ وما بعدها، وفتح الباري ٦/ ٦٣٢.