للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (ومسلك غير ممتنع) (١) أي هو طريق لا يمنع أحد من سلوكه، فقد سلكه العلماء، إذ لا يوجد عالم (٢) إلا وقد خالف في مذهبه أدلة من كتاب الله أو من سنته عليه السلام؛ لأجل معارض راجح عنده لذلك.

قوله: (وليس هذا بابًا اخترعه ولا بدعًا افترعه)، أي: ليس مخالفة مالك لحديث رواه شيئًا أحدثه وانفرد به.

قوله: (ولا بدعًا افترعه)، أي: ليس شيئًا سبق إليه (٣) مالك فافترعه (٤) قبل غيره من العلماء، فالبدع بكسر الباء: هو السابق بالشيء، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (٥)، أي: لست بأول (٦) مرسل (٧).


(١) "مشع" في ط.
(٢) "العالم" في ز.
(٣) "به" في ز وط.
(٤) في ز: "افترعه"، وفي ط: "فنزعه"، ومعنى العبارة: ليس ذلك أمرًا غريبًا سبق إليه مالك. فالبدع: الأمر الغريب الذي لم يصنع مثله، والافتراع هو: الابتداء والسبق إلى الشيء، كما ذكر الشوشاوي. قال صاحب القاموس: البدع بالكسر: الأمر الذي يكون أولاً. وقال ابن فارس: بدع: أصل يدل على ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال ... والعرب تقول: فلان بدع في هذا الأمر، انظر: القاموس المحيط، ومعجم مقاييس اللغة، مادة: "بدع"، وانظر: البحر المحيط لأبي حيان ٨/ ٥٦.
وأما الافتراع فهو: السبق إلى الشيء والابتداء به، ومنه قولهم: افترعت البكر إذا افتضضتها، قال في اللسان: إنما قيل: افترع البكر؛ لأنه أول جماعها. اهـ.
وقال ابن فارس: لأنه يقهرها ويعلوها. اهـ. انظر: اللسان، ومعجم مقاييس اللغة، مادة: "فرع".
(٥) الأحقاف: ٩.
(٦) "بأولى" في ز.
(٧) انظر: الدر المنثور للسيوطي ٦/ ٣٨.