للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمر الثاني: كونه يعاقبه الله (١) تعالى (٢).

وهذا محل النزاع: قال أهل السنة: لا يعلم بالعقل ولا يعلم إلا بالرسل، فإن الثواب والعقاب والأحكام الشرعية وأحوال يوم القيامة لا يعلم شيء من ذلك إلا بالرسل.

وقال أهل الاعتزال: يعلم ذلك بالعقل، فيوجبون بالعقل خلود الكفار (٣) وأصحاب الكبائر في النار (٤) (٥)، ويوجبون دخول المؤمنين الجنة، وخلودهم فيها، وغير ذلك مما أوجبوه بالعقل؛ إذ هو عندهم من باب العدل؛ لأن العقل عندهم يستبد بثبوته قبل الرسل.

ومستندهم في هذه المسألة أن الله تعالى حكيم، والحكيم يستحيل عليه إهمال المصالح والمفاسد، أي: يستحيل عليه إهمال المفاسد فلا يحرمها، وإهمال المصالح فلا يأمر بها، فيكون كل ما ثبت بعد الشرع فهو ثابت قبله؛ لأنه لو لم يثبت قبله لوقع (٦) إهمال المفاسد والمصالح (٧)، وهذا معنى قوله: (بل العقل يستبد بثبوته قبل الرسل)، ومعنى هذا الاستقلال عندهم: أن


(١) في ط وز: "يعاقبه الله على ذلك".
(٢) "تعالى" لم ترد في ز.
(٣) في ز: "الكافر".
(٤) "في النار" ساقطة من ز.
(٥) انظر: شرح الطحاوية ص ٣٢٣، ٣٢٤.
(٦) في ط: "لوقوع".
(٧) في ط: "وإهمال المصالح".