للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيهما: أن يقترن بحكم لو لم يكن للتعليل هو أو نظيره لكان بعيداً فيفهم منه التعليل ويدل عليه، وإن لم يصرح به، ويسمى تنبيهاً وإيماء (١). وهو أقسام متعددة يبحثها الأصوليون، في مسالك العلة من مباحث القياس.

ب- وأما غير المقصود للمتكلم فيسمى دلالة الإشارة، نحو قوله –صلى الله عليه وسلم – (النساء ناقصات عقل ودين، فقيل: يا رسول الله ما نقصان دينهن؟، قال: تمكث إحداهن في قعر بيتها شطر دهرها، لا تصلي ولا تصوم) (٢).

فهذا الحديث يدل بحسب وضعه على نقصان دينهن، ولكنه يدل بطريق الالتزام على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً، وكذلك أقل الطهر، لذكر الحديث شطر الدهر مبالغة في نقصان دينهن، ولو كان الحيض يزيد على ذلك لذكره.

ونحو دلالة مجموع قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} (الأحقاف ١٥)، وقوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} (لقمان ١٤) على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر بعد طرح مدة الفصال. وهذا أمر لم يكن مقصوداً في الآيتين، ولكنه يلزم من مجموعهما. ونحو دلالة قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ... وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ...} (البقرة ١٨٧)، على عدم فساد صوم من أصبح جنباً، لأن لو


(١) = للبخاري ١/ ١٨٨ و٢/ ٤٣٨ والمستصفي للغزالي ٢/ ١٨٦، والتقرير والتحبير ١/ ٢١٧ وفواتح الرحموت ١/ ٤١١.
() شرح العضد على مختصر المنتهى ٢/ ١٧٢ ونهاية السول ٣/ ٤٤.
(٢) الحديث باللفظ المذكور لا أصل له عند أهل الحديث، لكنه يتردد في كتب الفقهاء والأصوليين. وقد أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر بلفظ (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن). قالت (أي امرأة منهن): يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين).
صحيح مسلم باب بيان نقصان الإيمان ١/ ٦١ ومع شرح النووي ٢/ ٦٦. وانظر أقوال العلماء في ذلك في كشف الخفاء ١/ ٣٧٩ و٣٨٠.

<<  <   >  >>