للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كأقوالهم في الدلالة على مذاهبهم، كما أن أفعال النبي- صلى الله عليه وسلم- كأقواله في الدلالة على الأحكام الشرعية (١).

ج- إن التأسي بأفعال من يعظمه الناس ويحبونه، سر مبثوث في طباع البشر، لا يقدرون على الانفكاك عنه بوجه ولا بحال، وأنهم قد يرجحونه على القول. وقد ثبت هذا مع الصحابة والنبي- صلى الله عليه وسلم- فقد نهاهم عن الوصال في الصوم، فلم ينتهوا واحتجوا بأنه يواصل، وتوقفوا عن الإحلال، بعدما أمرهم بذلك في حجة الوداع، حتى ذبح وحلق فاتبعوه، إلى غير ذلك من الوقائع التي تدل على أن النظر إلى الفعل، واقتداء الناس فيه بمن أحبوا، مطبوع في نفوسهم (٢)، وإذا كان شأن الفعل كذلك، فمن المستبعد أن يقدم المجتهد- لا سيما المعروف بورعه وتقواه على عمل يرى أن الناس يقلدونه فيه ولا يكون رأيه ومذهبه.

٢ - القول الثاني:

إن ما فعله لا يعد مذهباً له، ولا تصح نسبته إليه. وهذا هو الوجه الثاني عند الحنابلة (٣) والشافعية (٤) وقد استدل لهذا القول بما يأتي:

أ- إن الأئمة المجتهدين ممن يجوز عليهم الذنب والمعصية، والخطأ والسهو والاستمرار على ما هم عليه، لأنهم غير معصومين عن خطأ، وليس هناك وحي ينبه إلى الخطأ، ويرشد إلى الصواب، كما هو الشأن في النبي- صلى الله عليه وسلم-" (٥).


(١) تهذيب الأجوبة ص ٤٦.
(٢) الموافقات ٤/ ٢٤٨ - ٢٥١.
(٣) تهذيب الأجوبة ص ٤٥، صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص ١٠٤ والمسودة ص ٥٣٢، شرح الكوكب المنير ٤/ ٤٩٧، أصول ابن مفلح ج ٤ ص ٩٥٣. بتحقيق د. فهد السدحان، شرح التحرير ورقة ٢٢٩ب.
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٩/ ١٥٣.
(٥) صفة الفتوى ص ١٠٤ ومجموع الفتاوى ١٩/ ١٥٢.

<<  <   >  >>