للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لغير ذلك من الأسباب. ومما يعزز ذلك، ما روي عن الإمام مالك- رحمه الله- من أن رجلاً سأله: لم رويت حديث [البيعان بالخيار] (١) في الموطأ، ولم تعمل به؟ فقال مالك: ليعلم الجاهل مثلك أني على علم تركته (٢). ومما يعزز ذلك أيضاً أن أبا الوليد موسى بن أبي الجارود (٣)، وهو ممن صحب الشافعي- رحمه الله-، حينما قال: صح حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) (٤) فأقول: قال الشافعي: أفطر الحاجم والمحجوم، ردوا عليه بأن الشافعي تركه مع علمه بصحته، لكونه منسوخاً عنده، وقد دل- رضي الله عنه على ذلك وبينه (٥) ومثل ذلك أيضاً أن حديث خيار المجلس قد صح عند


(١) أخرجه البخاري في كتاب البيوع بلفظ [البيعان بالخاير ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتمت محقت بركة بيعهما]. كما أخرجه مسلم في كتاب البيوع باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، ومالك في الموطأ بلفظ [المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار].
(٢) انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك لشمس الدين محمد بن محمد الراعي الأندلسي [ت ٨٥٣هـ] ص ٢٢٥.
(٣) هو أبو الوليد موسى بن أبي الجارود المكي. من فقهاء مكة الذين أفتوا على مذهب الشافعي، كان أحد الثقات من أصحاب الشافعي، روي عنه كتاب الأمالي، قال عنه أبو عاصم: يرجع إليه عند اختلاف الرواية. روى عن البويطي ويحيى بن معين وغيرهم، وروى عنه الزعفراني والربيع وأبو حاتم الرازي وغيرهم. لم يقف كثيرون ممن ترجموا له على تاريخ وفاته.
راجع في ترجمته: طبقات الشافعية الكبرى ١/ ٢٧٤، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص ١٠٠، وطبقات الشافعي للأسنوي ١/ ٣٨، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١/ ١٥.
(٤) حديث صحيح أخرجه كثيرون من رواية شداد بن أوس، ومن رواية رافع بن خديج، ومن رواية ثوبان. [انظر بعض من أخرجه وطرقه المختلفة في تلخيص الحبير ٢/ ١٩٣].
وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إن الحديث صحيح لامرية فيه، ونقل عن ابن عبد البر ما يفيد نسخه، وذكر طائفة من وجهات النظر في الحديث، وفي تأويله. فانظرها في فتح الباري ٤/ ١٧٧ وما بعدها.
(٥) أدب المفتي والمستفتي ص ١١٩ و١٢٠ المجموع ١/ ٦٤.

<<  <   >  >>