للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعل أبو الحسين البصري (ت ٤٣٦هـ) ذلك من الأدلة على مذهب الإمام. قال: (ومنها أن يعلل الحكم بعلة توجد في عدة مسائل، فيعلم أن مذهب شمول ذلك الحكم لتلك المسائل سواء قال بتخصيص العلة أو لم يقل) (١) ومثل لذلك بما لو قال الإمام مثلاً: النية واجبة في التيمم، لأنه طهارة عن حدث، فإنه يعلم من ذلك أنه اعتقد أن وجوب النية لأجل هذه العلة، وبما أن العلة شاملة فإنه يعلم شمول حكمها لكل ما وجدت فيه العلة (٢).

وإلى ذلك ذهب أبو الخطاب وذكر أنه إذا نص في مسألة على حكم أو علل بعلة توجد في مسائل أخر فإن مذهبه في تلك المسائل مذهبه في المسألة المعللة، وقال: إن مذهب الإمام هو (ما نص عليه أو نبه أو شملته علته التي علل بها) (٣) وكرر كلام أبي الحسين ومثاله في علة وجوب النية في التيمم (٤).

وهو اختيار ابن قدامة (ت ٦٢٠هـ) (٥) في الروضة (٦)، كما أنه


(١) المعتمد ٢/ ٨٦٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) التمهيد ٤/ ٣٧٢.
(٤) المصدر السابق ٤/ ٣٦٦ و ٣٦٧ وبنى على ذلك أن مذهب الإمام- حينئذ- أن النية تجب في الوضوء وغسل الجنابة والحيض ... إلخ.
(٥) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن قدامة العدوي القرشي الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الملقب بموفق الدين. كان من أئمة المذهب الحنبلي في زمانه عميق التفكير، أخذ علمه عن أعيان العلماء في بلده، ثم في بغداد والموصل ومكة. قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الموفق- رحمه الله- توفي في دمشق سنة ٦٢٠هـ. ودفن في سفح جبل قاسيون.
من مؤلفاته: المغني والكافي والمقنع والعمدة ومختصر الهداية لأبي الخطاب في الفقه، وروضة الناظر في أصول الفقه. وغير ذلك من الرسائل والكتب مختلفة الموضوعات.
راجع في ترجمته: فوات الوفيات ١/ ٤٣٣، وذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣ - ١٤٩ وشذرات الذهب ٥/ ٨٨، والفتح المبين ٢/ ٥٣، والأعلام ٤/ ٦٧.
(٦) ص ٣٧٩و ٣٨٠.

<<  <   >  >>