للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره الأصحاب يجري في الرجال بعضهم مع بعض، فأما النساء فيجب تقديمهن على جنس الرجال إذا وجدن، وإنما يغسل الرجل المرأة إذا فقدنا النساء.

قال: وإن مات رجل وليس هناك إلا امرأة أجنبية، أو ماتت امرأة وليس هناك إلا رجل أجنبي- يُمِّما؛ لما في الغسل من النظر إلى المحرم، هكذا ذكره الأصحاب، وأعرضوا عن رواية أبي داود عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس معهم امرأة غيرها، أو الرجل مع النساء ليس معهن رجل غيره- فإنهما ييممان ويدفنان، وهما بمنزلة من لم يجد الماء"؛ لأنه مرسل، لكن بعضهم نظم من المشبه به فيه قياساً، فقال: يمم عند فقد الغاسل كما عند فقد الماء، وهذا ما ادعى البندنيجي أنه عليه أكثر الأصحاب، وكذا الماوردي، وفي المسألة وجه آخر أنه يغسل مع حائل من ثوب ويلف الغاسل على يده خرقة، فإن لم يكن يمم الميت.

والأولى إذا غسل أن يكون في موضع مظلم، وهذا الوجه رجحه الإمام وحكاه [عن] القفال، ولم يورد القاضي الحسين فيما إذا كان الميت امرأة غيره، وقال الماوردي: إنه أصح عندي. وأيده بأن الشافعي نص على أنه إذا مات رجل وليس هناك إلا نساء أجانب أنهن يغسلنه ولا يجوز أن ييمم.

وفي "البيان" أن الأوزاعي قال في مسألتي الكتاب: لا ييمم ولا يغسل، بل يدفن، وأن الشيخ أبا نصر في "المعتمد" اختاره؛ ولذلك حكاه ابن يونس وجهاً ثالثاً في المسألة.

وهذا حكم الرجال والنساء، وسكت الشيخ عن حكم الأطفال والخنثى المشكل، وقد قال غيره: إن الأطفال من الذكور والإناث يغسلهم النساء أو الرجال، والذي يقتضيه المذهب- كما قال بعضهم-: أن ذلك فيما دون سن التمييز، وقيد في "التتمة" ذلك بالصغيرة التي لا تشتهي والصغير الذي لا يبلغ حد من يجامع؛ ولذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>