للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الإمام عن رواية المزني في "المنثور" قولا آخر: أنه لا يجزئه، وبه يحصل

فيه قولان، وقد حكاهما أبو علي في "الإفصاح"، عن رواية المزني في "المنثور".

والقاضي الحسين قال: عدم الإجزاء مخرج من مسألة التيمم، وكيف قدر فهو

ضعيف بالاتفاق، بل قال الإمام: لولا أن المزني نقله، لم أعده من المذهب.

قال: وإن أخره إلى ما بعد التيمم، لم يجزئه؛ أي: التيمم؛ لأن التيمم موضوع

لاستباحة الصلاة، لا لرفع الحدث، ولا استباحة مع قيام النجاسة، وهذا ما نص

عليه في "البويطي" "والأم".

قال: وقيل: يجزئه؛ قياسا على الوضوء، وهذا أخذ من قول الربيع: "وفي التيمم

قول آخر: أنه يجزئه"، والقياس ظاهر على رأي من يعتقد أنه يرفع الحدث، لكن

الجمهور على أنه لا يرفعه، واختلفوا في نقل الربيع:

فمنهم من صححه، وأثبت في التيمم قولين، وقطع في الوضوء بالإجزاء؛ وهذه

طريقة ابن القاص، وهي التي حكاها الإمام عن الأكثرين، ولم يحك أبو الطيب

غيرها، واقتضى كلامه ترجيح القول بإجزاء التيمم.

ومنهم من لم يصححه، وقال: ذلك من تخريجه وكيسه؛ فلا يصح التيمم قولاً

واحداً؛ وهذه طريقة أبي إسحاق، وحكى البندنيجي أنه قال: [إذا قال] الربيع:

"وله قول آخر"، فإنما هو من كيسه وتخريجه؛ فلا يلتفت إليه.

وعلى هذا فالذي ذكره العراقيون في الفرق بين الوضوء والتيمم ما ذكرناه. والقاضي

الحسين فرق بأنه يجب عليه طلب الماء؛ للاستنجاء، وطلب الماء بعد التيمم يبطله؛

فصار كما لو تيمم، ثم رأى سواداً أو نحوه، وطلب الماء [لا يبطل] الوضوء.

قلت: وفي هذا نظر من وجهين:

أحدهما: أن لا نسلم أن طلب الماء للاستنجاء واجب؛ إذ الحجر يقوم مقامه، ثم

لو سلمناه بأن لم يكن الحجر موجوداً، أو كان الخارج لا يجزئ فيه إلا الماء؛ فهو

يقتضي أن محل الخلاف فيه إذا كان التيمم لأجل فقد الماء، أما لو كان لمرض

[ونحوه]، فيجوز وجها واحداً؛ لأن طلب الماء في هذه الحال لا يبطل التيمم،

<<  <  ج: ص:  >  >>