للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد صرح الماوردي؛ حيث قال: كل موضع لو تيقن وجود الماء فيه منع من التيمم- وجب إذا جوز وجود الماء فيه ألا يجوز له التيمم؛ قياساً على رحله.

وقضية ذلك: أنه إذا كان عن يمين المنزل الذي نزله، أو [عن] يساره، أو أمامه- أنه لا يجب عليه قصده؛ لأنه لا يجب [عليه] طلبه لو لم يدل عليه في ذلك، وعليه يدل قوله: "إِنَّ تيقنَهُ لوجود الماء في آخر الوقت، إن كان في منزله الذي هو فيه عند دخول الوقت- كان تأخير الصلاة إلى استعمال الماء واجباً؛ لأن المنزل كله محل للطلب. وإن كان تيقنه لوجود الماء في غير منزله- كان تأخير الصلاة مستحباً".

وقد حكى الإمام عن رواية شيخه وبعض المصنفين عن النص: أنه يجب طلبه بالشروط السالفة؛ إذا كان عن يمين المنزل أو يساره دون ما إذا كان أمامه.

واختلف الأصحاب في النصين:

فمنهم من نقل، وخرج، وأثبت قولين فيهما.

ومنهم من أقر النصين، وفرق بأن الماء إذا كان عن اليمين واليسار، فهو منسوب إلى المنزل، والنازل قد يتيامن، ويتياسر، وينتشر في حوائجه، ولا يمضي في صوب قصده، ثم يرجع القهقهري، وليس الماء بين يدي المسافر منسوباً إليه. ويشهد له ما روي: أن [ابن] عمر قفل من سفر له إلى المدينة، فلما انتهى إلى الحرة، دخل وقت العصر؛ فتيمم، وصلى. فقيل له: أتتيمم وجدران المدينة تنظر إليك؟ فقال: أو أحيا حتى أدخلها؟ ثم دخل المدينة والشمس حية، ولم يقض الصلاة.

[وقد حكى صاحب "التهذيب" الطريقين على غير هذا النحو، كما سنذكره].

قال الإمام: فإن قلنا: لا يجب قصده فيما عدا المنزل، ويتمم: فلو كان أبعد من مسافة الطلب عند الإشكال، أي: ودون يمنة المنزل ويساره، وهو إذا كان على مسافة ينتشر إليها النازلون في الاحتطاب والاحتشاش، وتنتهي إليه البهائم في الرعي، ولم يكن حائل، وهو محقق الوجود فلا يبعد وجوب طلبه.

وهذا ما جزم به الرافعي، ووجه بأنه إذا كان يسعى لاشتغاله إلى هذا الحد

<<  <  ج: ص:  >  >>