للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه موضع ضرورة؛ إذ قد لا يجد الحاكم غيره، وهذا موافق لما نص عليه الشافعي في أن للقاضي أن يأذن للملتقط أن ينفق على اللقيط من مال نفسه ليرجع، وعلى هذا قال: ويقبل قوله في النفقة بالمعروف أي: وإن نازعه الجمال فيما أنفق؛ لأنه أمين. وحكى الماوردي فيمن المقبول قوله في قدر النفقة في هذه الحالة- ثلاثة أوجه لأصحابنا، أشار إليها الشافعي في الأم.

أحدها: أن القول قول المنفق، وهو الأصح في البحر.

والثاني: أن القول قول الجمال؛ لأنه غارم.

والثالث: أنه يرجع فيه إلى عرف الناس وعادتهم، فإذا وافق ذلك قول أحدهم فهو المعمول به، سواء وافق قول المنفق [أو قول] الجمال أو خالفهما، وهذا اختيار الشافعي.

قال: وإن خالف قياس الأصول الموجبة لأحد المذهبين فقد يترك القياس إذا تفاحش إلى ما يكون عدلاً بين الناس.

والقول الثاني: لا يجوز؛ ولأنه يؤدي إلى أن يكون مقبول القول فيما يستحقه على غيره كما ذكرنا من قبل، وهذا موافق ما نص عليه الشافعي في أن القاضي لا يأذن لواجد الضالة في الإنفاق عليها من مال نفسه ليرجع على صاحبها، بل يأخذ المال منه ويدفعه إلى أمين، ثم الأمين يدفع إليه كل يوم قدر الحاجة، وسنذكر إن شاء الله في باب اللقيط الفرق بينهما.

وإذا تعذر على الحاكم الاقتراض من المستأجر وغيره باع الحاكم من الجمال بقدر الحاجة لينفق عليها من ثمنه، ولا يخرج على الخلاف في بيع المستأجر؛ لأنه محل ضرورة ويبقى في يد المستأجر إلى انتهاء المدة؛ ذكره الرافعي وغيره.

قال: وإن لم يكن حاكم، فأنفق وأشهد أي: وشرط الرجوع رجع؛ لأنه حق على غائب؛ فجاز عند الضرورة أن يتوصل صاحبه إليه بحسب المكنة؛ كما يجوز لصاحب الدين الممنوع أن يتوصل إلى أخذه من مال من هو عليه جهراً أو سراً بحكم وغير حكم، وهذا هو الصحيح في تعليق القاضي الحسين.

وقيل: لا يرجع؛ لأنه يصير حاكماً لنفسه ليستوفي حقه من مال غيره، وكما لا يرجع مستودع الدابة على ربها بثمن علوفتها، وإن أنفق وترك الإشهاد نظر: إن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>