للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمله. وكأنهما أرادا بالدفع ما قاله الأولون؛ كما في قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩]، فإن المراد بالعطاء الإلزام لا نفس الدفع. وفي "تعليق" القاضي الحسين حكاية وجه [آخر]:

أنه لا يستحق شيئاً؛ لأن عقد الجعالة جائز، وإنما يلزم الجعل فيه بعد الفراغ. وفي "الوسيط" في كتاب السبق والرمي وجه: أنه لا ينفذ فسخه إذا كان ما يخص عمل العامل من المسمى يزيد على أجرة المثل، ووجه: أن الجاعل لو أضاف إلى ما شرط الجعل في مقابلته عملاً آخر- لا يجاب إليه، وفي وجه: يجاب ويثبت للعامل الخيار؛ فإن فسخ استحق [أجرة] المثل، بخلاف ما لو فسخ بلا سبب، ولا فرق على المذهب بين أن يكون ما صدر من العامل قطع بعض المسافة في الطلب، أو عمل بعض العمل في الحائط والثوب، كما صرح به ابن الصباغ وغيره.

قال الرافعي: وكما تنفسخ الجعالة بالفسخ تنفسخ بالموت، ولا شيء للعامل بما يعمل بعد موت المالك، ولو قطع بعض المسافة، ثم مات المالك، فرده إلى وارثه- استحق من المسمى بقدر ما عمل في حياته. كذا ذكره أبو الفرج السرخسي، وهو موافق لما حكيناه من قبل عن "الحاوي"، لكن فيه في هذه المسألة: أنه يستحق تمام المسمى.

فرع: لو فسخ المالك العقد في غيبة العامل بعد الشروع في العمل، ولم يعلم المجعول له به، ثم تمم العمل.

قال المتولي: ذلك ينبني على القولين في عزل الوكيل قبل العلم.

وقال الإمام: لا يبعد تخريجه على ذلك، والظاهر: أن الجعالة تنفسخ في

<<  <  ج: ص:  >  >>