للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي أن عمر – رضي الله عنه – جهز جيشا، فنزلوا على قرية من قرى رامهرمز، فرأوا أنهم سيفتحونها، فرجعوا حتى يقيلوا ويرجعوا، فبقي عبد منهم فواطأ أهل القرية وواطئه، فكتب لهم كتابا في صحيفة، ونبذها مع سهم رماه إليهم، فأخذوها وخرجوا بأمانه، فكتب بذلك إلى عمر – رضي الله عنه – فقال: "العَبْدُ الْمُسْلِمُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ"، ولم يخالفه فيه أحد؛ فكان إجماعاً.

وروي أن أم هانئ بنت أبي طالب قالت – عام الفتح -: يا رسول الله، إني قد أجرت حَمَويَّ، وزعم ابن أمي أنه قاتلهما – تعني علي بن أبي طالب –فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"، ومعنى هذا الخبر ثابت في "الصحيحين".

وحكى الرافعي عن ابن أبي هريرة: أنه لا يصح أمان الفاسق؛ لأنه ولاية، وليس هو من أهلها، ونسب القاضي الحسين هذا الوجه إلى ابن سريج، وأن غيره قال: إن كان فسقه بسبب معونته لهم على المسلمين فلا يجوز، وإن كان بزنى أو شرب خمر صح.

وظاهر المذهب ما دل عليه كلام الشيخ، ويشهد له قصة العبد السالفة.

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ هنا يقتضي أموراً:

أحدها: جواز تأمين بعض الرعية لأهل بلد، وأكثر من ذلك؛ لإتيانه بلفظة "مَنْ" الصالحة لذلك، وأنه لا فرق في المُؤَمَّن الكافر بين أن يكون قد أسر أم لا، وقد قال الأصحاب: إن نفوذ أمان أحد الرعية منوط بشرطين:

<<  <  ج: ص:  >  >>