للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثمَّ ليَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ" هذه رواية مسلم، وزاد البخاري: "وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أصلي"، وهذا أمر وظاهره الوجوب.

ولأن ذلك من الشعائر الظاهرة المستمرة في الشريعة، وقد صح أن رد السلام من فروض الكفايات؛ لأنه نم شعائر الإسلام، فما ذكره أولى.

والكفاية تحصل إذا قام به البعض على النحو الذي قلنا: إن السُّنة تتأدى به على القول الأول؛ وحينئذ يسقط الفرض عن الباقين.

قال النواوي في "التحرير لألفاظ التنبيه": وإذا فعلته طائفة أخرى كان فرضاً- أيضاً- وكلام الإمام يأباه؛ كما ستعرفه.

وهذا القول محكي في "التتمة"، و"الشامل"، وغيرهما عن الإصطخري.

وقال الإمام: إن بعض المصنفين في المذهب عكس ذلك، فذكر أن الأصح الذي ذهب إليه جمهور الأئمة: أن ذلك من فروض الكفايات وأن أبا سعيد الإصطخري ذهب إلى أنه سنة، وهذا منه إشارة إلى "الإبانة"؛ فإن لفظها قريب من ذلك، قال: والذي عليه التعويل الأول، ولم يحك الصيدلاني عن الأصحاب غيره، وحكى القول بأنه فرض كفاية، عن بعض أهل العلم.

وعلى القول به قال الشيخ: فإن اتفق أهل بلد على تركه، قاتلهم الإمام- أي: أو من يقوم مقامه- بعد الإنذار؛ لأن هذا شأن فروض الكفايات إذا تركت، وهكذا الحكم فيما إذا امتنع أهل محلة من بلد كبير منه، دون باقي أهل البلد، قاتل الإمام أهل المحلة فقط.

أما إذا قلنا: إنه سنة، فالمذهب أنهم لا يقاتلون، وهذا ما حكاه البندنيجي.

وحكى الماوردي وغيره عن أبي إسحاق: أنهم يقاتلون- أيضاً- بعد الإنذار؛ استدلالاً بما روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- في زمانه- كانوا إذا مروا بناحية، ولم يسمعوا صوت الأذان؛ صابحوا أهلها بالقتال؛ ولأن النفوس تطمئن إلى إقامة الشعار الظاهر إلا إذا أضمروا ردَّ الشريعة واعتقدوا بطلانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>