للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم نجوزه لم تصح هذه المعاملة مع المسلم، ولا يستحق أجرة المثل؛ كما لا يستحق الجارية المسماة.

[قال:] وإن قال: من دلني على القلعة الفلانية، فله منها جارية، أي: بالشرط الذي ذكرناه، فدله عليها ولم تفتح – لم يستحق شيئاً؛ لأنه لما شرط جارية منها صارت جعالته مستحقة بشرطين: الدلالة، والفتح، فلم يستحقها بأحد الشرطين، وهذا بخلاف ما لو جعل لمن دله على القلعة شيئاً في غيرها؛ فإنه يستحقه بالدلالة، وإن تعذر الفتح، كما قاله الماوردي وابن الصباغ؛ لأنها معلقة بشرط واحد، وهو الدلالة وقد وجد، وهذا ما جزم به الماوردي وصححه القاضي أبوا لطيب والإمام.

وقيل: يرضخ له؛ لأجل تعبه ودلالته للمسلمين وليس بشيء؛ لما ذكرناه.

وفي "الحاوي": أنه يستحب أن يرضخ له، وفي "إبانة" الفوراني وجه: أنه يستحق أجرة المثل للدلالة.

ومحل ذلك: إذا أطلق العقد، أما إذا شرط له منها جارية إذا فتحت فلا يستحق شيئاً قولاً واحداً. نعم، لو أمكننا الفتح فلم نقاتل، فهل يستحق الدلال والحالة هذه شيئاً؟ قال الإمام: هذا محل التردد. ولو لم يتفق الفتح في تلك الدفعة، فعاد الأمير مرة أخرى وفتحها – ففي استحقاق الجعل وجهان في "الحاوي" وغيره، وقال الإمام: إن كان عودنا إليها مستنداً إلى الدلالة الأولى ولولاها لما عدنا، فيظهر هاهنا تسليم الجارية إليه، وإن اتفق ذلك لكوننا رُمنا غيرها؛ فوقعنا عليها من غير استمساك بالإعلام الأول، فهاهنا يظهر الاحتمال، والأصح: أنها لا تسلم له؛ فإن المعاملة الجارية بيننا وإن كانت مطلقة فهي من طريق العرف مقيدة باتصال الفتح بالدلالة، وهذا الظهور جرى منقطعاً، وبالجملة فلا يبعد ترتيب بعض الأحوال على بعض، ولا يخلو كل منها عن الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>