للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: إذا طر جيبه، أي: شقه [في خفية؛] فوقع منه المال – قطع؛ لأنه خرج بفعله متصلاً فقطع به، كما لو جر من الحرز عمامة فأخرجها، وهكذا الحكم عند القاضي أبي الطيب وابن الصباغ والمصنف وغيرهم فيما إذا نقب غرفة؛ فانثال منها طعام قيمته نصاب. وهو في "الحاوي" كذلك إذا أخرج من الطعام ما قيمته نصاب [دفعة واحدة، وحكي فيما إذا أخرج شيئا فشيئا وجهين في وجوب القطع، وعلى ذلك جرى القاضي الحسين] وقال: إن الأصح الوجوب. قال القاضي الحسين: ومن قال بمقابله فرق بينه وبين العمامة: بأن العمامة يتصل بعضها ببعض؛ فكان خروج الجميع بيده وفعله، وأما الحنطة فما خرجت في الدفعة الثانية بفعله.

وفي "الوسيط" و"النهاية" و"الزوائد" و"الرافعي": أن الوجهين في هذه الحالة مفرعان على قولنا: إنه لو أخرج نصابا بفعلين متواصلين من غير فصل لا يقطع، أما إذا قلنا بوجوبه ثم فهاهنا أولى.

قلت: ومن هذا البناء يظهر أن يقال: لو انثال من الطعام ما قيمته [دون] نصاب، ثم وقف، ثم انثال بعد ذلك ما يكمل به النصاب – أن يجري الخلاف من غير ترتيب.

وقد ادعى الزبيلي في "أدب القضاء" له أنه لا خلاف في عدم القطع في هذه [الصورة، وإن حكى الوجهين في الصورة السابقة، والصحيح – وإن ثبت الخلاف – ما قاله العراقيون، وهو جار في مسألة طر الجيب – أيضا – كما حكاه الرافعي [وحكى] في الصورتين وجها – وينسب إلى رواية أبي إسحاق-: أنه لا يقطع فيهما بحال؛ لأن الخروج حصل بتسببه لا بمباشرة الإخراج، والسبب ضعيف لا ينبغي أن يتعلق به قطع، وقد أشار إليه في "الكافي" بقوله: ولو نقب جدارا؛ فانثالت منه الحنطة، فأخذها، أو طر جيبه أو كمه؛ فسقطت منه الدراهم والدنانير – فعليه القطع في أصح الوجهين.

<<  <  ج: ص:  >  >>