للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرائض، ولا يضره ألا يعرف الأخبار الواردة في تحريم المسكر مثلاً.

وعلى كل حال؛ فإذا تعذرت شرائط الاجتهاد على العموم، أو في مذهب إمام كزماننا-[فلابد من جزم القول والقطع بصحة تولية من اتصف بصفة العلم] في مذهب إمام من الأئمة إذا كان عارفاً [بغالب مذهبه] ومنصوصاته وأقواله المخرجة وأقاويل أصحابه، صحيح الذهن كما تقدم.

وبالغ في "الوسيط"، فقال عند عدم المجتهد المطلق: الوجه القطع بتنفيذ قضاء من ولاه السلطان ذو الشوكة؛ كي لا تتعطل مصالح الخلق، فإنا ننفذ قضاء أهل البغي للحاجة، فكيف يجوز تعطيل القضاء الآن؟! نعم، يعصي السلطان بتفويضه إلى الفاسق والجاهل، ولكن بعد أن ولاه فلابد من تنفيذ أحكامه للضرورة.

قال الرافعي: وهذا حسن، لكن في بعض "الشروح": أن قاضي أهل البغي إن كان منهم نظر: إن كان بغيهم لا يوجب الفسق كبغي [معاوية جاز أيضاً قضاؤه، وإن أوجب الفسق كبغي] أهل النهروان لم يجز.

وقال ابن شداد وابن أبي الدم: إن ما قاله الغزالي لا نعلم أن أحداً نقله.

قال ابن أبي الدم: مع تصفحي شروح المذهب والمصنفات فيه، بل الذي قطع به العراقيون والمراوزة: أن الفاسق لا تنفذ أحكامه، ونحن إذا نفذنا حكم قاضي البغاة، فلابد أن يكون مع علمه عدلاً متأولاً في خروجه مع البغاة، ولابد من تأويل حمل البغاة على بغيهم، وهذا لا خلاف فيه، فكيف ينفذ أحكام قاضي أهل العدل مع فسقه وعلمه بفسقه الفسق الذي لا تأويل فيه، وقد ذكرت في باب قتال أهل البغي في ذلك ما يغني عن الإعادة.

وفي "الكافي": أن المتغلب على إقليم لو نصب قاضياً غير عالم أو غير عدل، والناس غير قادرين على دفعه، هل تنفذ أحكامه وقضاياه من تزويج الأيامى والتصرف في أموال اليتامى؟ يحتمل وجهين، أحدهما: لا، وطريق المسلمين في مثل هذه الحالة التحاكم إلى من هو من أهل القضاء في حوادثهم، فإن لم يجدوا أهلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>