للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه؛ فإن التنافس يوهن العدالة، ويحادثهم ويحادثونه، [ويؤانسهم] ويؤانسونه بما لا تتخرق به الحشمة، ولا تزول به الصيانة.

قال: وبمحضر من الفقهاء، [أي]: الذين يحل لهم الفتوى، ويصح أن يتولوا القضاء [كما] قاله البندنيجي، والمعنى في حضورهم ما سيذكره الشيخ.

ثم المفتي: من اتصف بالعدالة المعتبرة في الرواية، وأهلية الاجتهاد في الأحكام الشرعية؛ كما تقدم.

فالرجل والمرأة، والحر والعبد، والبصير والأعمى أهل للفتوى إذا اتصفوا بالعدالة؛ لأن روايتهم صحيحة؛ لكن لا يحضر النسوة مجلس الحكم، وتجوز مشاورتهم في غيره؛ كما قاله الماوردي.

ولو اتصف العالم بالفسق لم يجز [له] قبول فتواه؛ لأنه لا يوثق بقوله. نعم، عليه أن يعمل لنفسه باجتهاده، وفي جواز مباحثته وجهان في "الحاوي"، وجه المنع: خشية ما يستحدثه بمباحثته من شبهة فاسدة.

ولو كان عدلاً لم يبلغ رتبة الاجتهاد مطلقاً، لكنه بلغ ذلك في مذهب إمام- فقد حكى الفوراني وغيره في قبول فتواه وجهين، اختيار القفال منهما الجواز، قالوا: وأصل الوجهين أن المستفتي له مقلد له أو للميت صاحب المذهب، وفيه وجهان، فإن قلنا بالأول لم يجز، وإن قلنا بالثاني جاز، وهذا تفريع على جواز تقليد الميت؛ كما هو الصحيح؛ لأنه لو بطل قول القائل بموته، لبطل الإجماع بموت المجمعين، ولصارت المسألة اجتهادية، وقد منع [منه] بعضهم؛ فعلى هذا يرتفع الخلاف في المسألة، وهذا عند وجود المجتهد المطلق، فأما عند الفقد كما في [زماننا وقبله] فلا وجه إلا استفتاء الذين بلغوا رتبة الاجتهاد في مذاهب الأئمة، وهم الذين يستحب إحضارهم مجلس الحكم في هذا الزمان أيضاً، والأولى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>