للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة حبسه، مع بقاء نظر الثاني؛ لأن القاضي الثاني لا يعزر لذنب كان مع غيره، لكنه لا يطلقه حتى ينادي عليه- كما سنذكره- لاحتمال أن يكون قد حبس لخصم وأنكره، ويحلفه: إنه ما حبس بحق لخصم؛ كما قاله ابن أبي الدم.

قال: ومن حبس بغير حق خلاه؛ لأن استمراره معصية.

وهذه المسألة مصورة في كلام الأصحاب بما إذا صدق الخصم المحبوس على ما ادعى أنه حبس عليه، وكان ذلك لا يقتضي الحبس، وله صور:

منها: أن يصدقه على [أن] ما ابتاعه منه وحبس فيه قد تلف، أو قامت بينة بذلك ولم يعهد له مال غيره.

ومنها: إذا كان الدين عن صداق أو إتلاف أو ضمان، وقد ادعى المحبوس الإعسار، وصدقه فيه الخصم، أو كذبه في دعوى الإعسار، وحلف المحبوس؛ قال القاضي أبو الطيب: لأن الأصل أن لا مال له. وهذا بناءً على أن من [لم] يعرف له مال إذا لزمه دين لا بمعاوضة محضة، القول في الإعسار قوله، كما حكيناه في باب التفليس عن العراقيين، وقد وافقهم القاضي الحسين هنا، أما إذا قلنا بما نقله المراوزة فلا يخفى تفريعه.

ومنها: إذا ادعى أنه حبس في قيمة خمر أتلفه [على] ذمي أو خنزير ونحوه، وكان الحاكم الأول لا يرى ذلك، [وكذلك الثاني، أو كان الخصم مسلماً. نعم، لو كان الخصم ذميّاً، والحاكم الأول لا يرى ذلك كالشافعي]، [والثاني يراه كالحنفي- كان حكم الأول باطلاً، والثاني إن حكم بمذهبه حبسه. ولو انعكس الحال فكان الأول حنفيّاً، والثاني شافعيّاً- لم ينقضه باتفاق الأصحاب]، ولكن هل يلزمه إمضاؤه أم لا؟ فيه قولان:

فإن قلنا بالأول وهو ما اختاره في "المرشد"، وصححه الرافعي- أعاده إلى الحبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>