للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَدِّي الْمُكْتَرِي والْمُسْتَعِيرِ) إذا زاد في المسافة زيادة بعيدة فإن ربها بالخيار، فإن أحب أخذها وأخذ كرائها من موضع التعدي إلى غايته، وإن أحب أخذ قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه وله الكراء الأول في الكراء، وهكذا قال مالك في المدونة وفي الموطأ.

قوله: (وفِي الْجَمِيعِ قَوْلانِ) يحتمل أن يريد في كل مسألة قولان: أحدهما قول ابن القاسم ويكون نبه بهذا على أن في كل مسألة قولين، والمشهور متعاكس، ويحتمل أن يريد: في كل مسألة قولان غير قول ابن القاسم، ويكون في مجموع المسألة ثلاثة أقوال، وإلى هذا ذهب ابن عبد السلام، وأحد القولين: ليس لربِّها إلا الدَّابة في الغصب والتعدي معاً، وليس له تضمين القيمة.

والقول الثاني: إنه مُخيَّر في الجميع بين أخذ الدابة وأخذ قيمتها.

وفهم من قوله: (مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ) أنه لو تعدى بها المستعير أو المكتري موضعاً قريباً أو زمناً قريباً، أنه لا يكون له تضمين الدابة.

وفي الباجي: إذا أمسكها أياماً يسيرة زائدة على أيام الكراء فلا ضمان عليه، وإنما له الكراء في أيام التعدي مع الكراء الأول، قاله مالك وأصحابه.

فإن قلت: فما الفرق على قول ابن القاسم؟ قيل: قال في النكت: لأن المستعير والمكتري إنما تعديا على المنافع لا على الرقاب، فغرما كراء تلك المنافع، والغاصب إنما غصب الأعيان فلم تكن عليه قيمة المنافع، ولو أنه قصد إلى غصب المنافع خاصة، لكان عليه كراؤها مثل أن يريد دابة يكريها إلى موضع، فيأخذها غصباً مما يعلم أنه لم يقصد غصب الرقبة، قال في النكت: وينبغي في المكتري والمستعير إذا تعديا بالدابة المسافة وأصابها في ذلك عيب يسير فوجب لربها ما نقص العيب - أن يُسْقِطَ من كراء الزيادة على المسافة مقدار ذلك الجزء الذي نقص من قيمة الدابة مثل أن يكون نقصها العيب

<<  <  ج: ص:  >  >>