للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معها راعٍ فلا ضمان عليه، والضمان على الراعي إن فرَّط أو ضيع، قال: وعلى هذا حمل أهل العلم الحديث، ولم يأخذ يحيى بن يحيى بهذا الحديث، بل قال: يضمنون ما أفسدت ليلاً ونهاراً.

ابن القاسم عن مالك: وهو المشهور وإذا ضمنوا فإنهم يضمنون ما أفسدت وإن كان أكثر من قيمتها، وقال يحيى بن يحيى: إنما عليه الأقل من قيمتها أو قيمة ما أفسدت، ولعله قاسه على العبد الجاني، فإن قلت: فلا فرق على المشهور، قيل: لأن العبد مكلف، فهو الجاني بخلاف هنا، فإن الجاني في الحقيقة رب الماشية، ولمالك في العتبية: وسواء كان محضراً عليه أو غير محضر.

قوله: (وَأَمَّا باللَّيْلِ فَالضَّمَانُ) مخصوص بالزرع والحوائط، فقد قال مالك: إذا انفلتت دابة بالليل فوطئت على رجل نائم؛ لم يغرم ربها شيئاً.

الباجي: وهذا الحكم يختص عندي بالموضع الذي يكون فيه الزرع والحوائط مع المسارح، فأما لو كان الموضع مختصاً بالمزارع دون المسارح ضمن ربها ما أتلف ليلاً كان أو نهاراً، كما لو كان مختصاً بالمسارح دون المزارع فزرع فيه إنسان، على خلاف العادة من غير إذن الإمام، فلا ضمان على أهل المواشي، كان ليلاً أو نهاراً، وروى مطرف عن مالك: إن كانت المزارع كثيرة معتدة لا يقدر أهلها على حراستها؛ لم يكن على أهل المواشي شيء مطلقاً.

ابن عبد السلام: وقال بعضهم: عكس هذا أولى؛ لأنه إذا كان الأمر هكذا، كان على أربابها ألا يخرجوها إلا براعٍ، وهذا كله إذا لم يكن من المواشي التي شأنها الداء على الزرع، فإن كانت كذلك وتقدم إلى أربابها ضمنوه ما أصابته ليلاً أو نهاراً، من غير خلاف، نقله في الاستذكار.

مالك: وتباع تلك الماشية في بلد لا زرع فيه، كانت بقراً أو غنماً أو غيرها، ابن القاسم: إلا أن يحبسها أهلها عن الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>