للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاعْتِكَافُ: قُرْبَةٌ

لم يبين ما رتبته في القُرَب، والظاهر أنه مستحب، إذ لو كان سنة لم يواظب السلف على تركه. قال في الرسالة: والاعتكاف من نوافل الخير. وكذلك قال في المقدمات.

وحكمة مشروعيته التشبه بالملائكة الكرام في استغراق الأوقات في العبادة وحبس النفس عن شهواتها، وكف اللسان عن الخوض فيما لا ينبغي.

ومما يدل على أنه قربة، ما وقع لمالك في العتبية من رواية ابن القاسم لما قيل له: من كان منزله من الفسطاط على ثلاثة أميال، أيعتكف في مسجد قريته؟ أم يسير إلى الجمعة؟ لأن قريته لا تجمع فيها الجمعة؟ قال: اعتكافه أولى من مسيره إلى الجمعة.

مَالِكٌ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَداً مِنَ السَّلَفِ اِعْتَكَفَ غَيْرَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وإِنَّمَا تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ ....

هذا لمالك في المدونة، وفي المجموعة: ما زلت أفكر في ترك الصحابة رضي الله عنهم الاعتكاف مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يزل يعتكف حتى توفي، حتى أخذ بنفسي أنه كالوصال الذي نهى عنه وفعله، فقيل له: إنك تواصل، فقال: "إني لست كأحدكم".

وَهُوَ لُزُومُ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ الْمَسْجِدَ - لِلْعِبَادَةِ صَائِماً كَافّاً عَنِ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ - يَوْماً فَمَا فَوْقَهُ بِالنِّيَّةِ .....

قوله: (الْمُسْلِم). كالمستغني عنه بقوله: (لِلْعِبَادَةٍ صَائِماً). إذ علم أنهما لا يصحان من غير المسلم، ثم في قوله: (لِلْعِبَادَةِ) إجمال، إذ من العبادات ما لا يفعله المعتكف كما سيأتي، وقوله: (كَافَاً عَنِ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ). أي ليلاً ونهاراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>