للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السادس: نقل عن ابن جرير الطبري وبعض الظاهرية: أنه لا يجوز الصلاة في الكعبة لا فرضا ولا نفلا، وأحمد منع الفرض، وجوز النفل، وقال مالك: لا يصلي الفرض ولا السنن ويصلي فيها التطوع وإن صلى فيها الفرض أعاد في الوقت وحجته قوله تعالى: "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" وهي قبالته. ومن صلى في جوف الكعبة لم يقابل شطرها لأنه يكون مستقبلا للبعض، مستدبرا للبعض، ولا تحصل كلها قبالته إلا أن يكون خارجا عنها، وإنما جاز ذلك في النافلة، لأن استقبال الكعبة فيها غير واجب، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما الجواز فرضا ونفلا، وحجتنا أن من صلى خارجا عنها فإنه يستقبل بعضها، وصلاته جائزة بالإجماع، لأن ما عن يمين ما استقبل من البيت وما عن يساره ليس هو مستقبله، فلم يتعبد باستقبال كل جهاته، وعلى هذا، فمن صلى فيه فقد استقبل إحدى جهاته، وترك غيرها وذلك لا يضر لوجود مثله في الخارج، وقد روى البخاري ومسلم عن بلال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت وصلى فيه ركعتين، وأما ما رواه مسلم عن ابن عباس: إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله، أخبرني أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين. وقال هذه القبلة، فقدم الشافعي الراوية الأولى على الثانية لوجوه، أحدها أنها مثبته والمثبت مقدم على النافي لزيادة علمه، ذكره البيهقي وغيره، الثاني: أن رواتها أكثر والكثرة من باب الترجيح في الرواية. فقد روى الصلاة في البيت عن بلال جماعة

<<  <   >  >>