للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: ما ثبت عن طريق الاستهلاك، كالإتلاف مثلًا.

الثالث: ما ثبت عن طريق القرض.

فالدين أعم من القرض، فكل قرض دين، وليس العكس.

وقد ذهب الحنفية إلى أن الدين لا يعتبر مالًا حقيقة، وإنما يعتبر مالًا حكمًا، باعتبار أنه يتحول إلى المال بالاستيفاء (١)، وهذا هو القول القديم للشافعي (٢).

وذهب الجمهور إلى أن الدين قسم من أقسام الأموال، فقد سبق لنا: أن


(١) الحنفية تارة يعتبرون الدين مالًا، وتارة لا يعتبرونه كذلك، ففي باب النكاح اعتبروا الدين مالًا، فلو تزوج امرأة بعشرة دراهم، دينا له على فلان، صحت التسمية، وعللوا ذلك بأن الدين مال، وأدخلوه تحت قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم} [النساء: ٢٤] ولم يجعلوا الدين مالًا في باب الزكاة، والأيمان، فلو حلف أنه لا مال له، وله دين على موسر، لا يحنث. انظر البحر الرائق (٣/ ١٥٢)، و (٤/ ٤٠٤)، المبسوط (٩/ ١٤)، تبيين الحقائق (٣/ ١٥٨ - ١٥٩، ١٦٣)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٨٩).
(٢) قال الزركشي في المنثور في القواعد (٢/ ١٦٠): «الدين هل هو مال في الحقيقة، أو هو حق مطالبة يصير مالًا في المآل؟ فيه طريقان، حكاهما المتولي في كتاب الصلح.
ووجه الأول: أنه يثبت به حكم اليسار، حتى تلزمه نفقة الموسرين وكفارتهم، ولا تحل له الصدقة.
ووجه الثاني: أن المالية من صفات الموجود، وليس ههنا شيء موجود، قال: وإنما استنبط هذا من قول الإمام الشافعي، من ملك ديونًا على الناس، هل تلزمه الزكاة؟ المذهب الوجوب، وفي القديم قول: أنها لا تجب.
ويتفرع عليه فروع:

منها: هل يجوز بيع الدين من غير من هو عليه الدين؟ إن قلنا: إنه مال، جاز، أو حق، فلا؛ لأن الحقوق لا تقبل النقل إلى الغير.
ومنها أن الإبراء عن الدين، هل هو إسقاط أو تمليك؟
ومنها: حلف لا مال له، وله دين حال على ملئ، حنث على المذهب، وكذا المؤجل، وعلى المعسر في الأصح». اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>