للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: إذا كان الثمن حالًا في الذمة وليس عينًا، فقد اختلف العلماء في من يطالب بالتسليم أولًا، فالشافعية والحنابلة يرون أن المطالب بالتسليم هو البائع، وبالتالي لا يحق له حبس المبيع، وقيد الشافعية ذلك ما لم يخف البائع فوات الثمن (١).

وأما الحنابلة في المشهور فقد صرحوا بأنه ليس للبائع الحق في حبس المبيع مطلقًا.

قال ابن قدامة: «ويصح القبض قبل نقد الثمن وبعده، باختيار البائع وبغير اختياره؛ لأنه ليس للبائع حبس المبيع على قبض الثمن» (٢).

بقي عندنا مذهب الحنفية والمالكية الذين يقولون: إن المطالب هو المشتري


(١) يقول النووي رحمه الله في روضة الطالبين (٣/ ٤٢٦): «أمر مهم، وهو أن طائفة توهمت أن الخلاف في الابتداء، خلاف في أن البائع، هل له حق الحبس أم لا؟ إن قلنا: الابتداء بالبائع فليس له حبس المبيع لاستيفاء الثمن، وإلا فله.
ونازع الأكثرون فيه، وقالوا: هذا الخلاف مفروض فيما إذا كان نزاعهما في مجرد الابتداء، وكان كل واحد يبذل ما عليه، ولا يخاف فوت ما عند صاحبه، فأما إذا لم يبذل البائع المبيع، وأراد حبسه خوفًا من تعذر الثمن فله ذلك بلا خلاف، وكذلك للمشتري حبس الثمن خوفا من تعذر المبيع، وبهذا صرح الشيخ أبو حامد والماوردي». وانظر حواشي الشرواني (٤/ ٣٠٥).
(٢) المغني (٤/ ٩١)، وجاء في المحرر (١/ ٣٣٣): «وإذا تشاحنا في التسليم، والثمن عين نصب عدل، فقبض منهما، ثم أقبضهما، وإن كان دينًا فليس للبائع حبس المبيع على قبضه، نص عليه، وقيل: له ذلك». وجاء فيه أيضًا (٤/ ٢٤٧): «وروي عن أحمد أنه قال: إذا حبس المبيع ببقية الثمن فهو غاصب، ولا يكون رهنًا إلا أن يكون شرط عليه في نفس البيع».
وجاء في شرح منتهى الإرادات (٢/ ٥٧): «ليس للبائع حبس المبيع على ثمنه»، وهناك قول آخر يقابل المشهور: أن له الحق في حبس المبيع، وقد أشرنا له فيما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>