للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحل حقيقة، وقد تعذر تمييز الحلال من الحرام، ولا يمكنه أن يتناول جزءًا من الحلال إلا بتناول جزء من الحرام، وهو ممنوع شرعًا من تناول الحرام، ويجوز له أن ينتفع به من حيث الاستصباح، ودبغ الجلود بها؛ فإن الغالب هو الحلال، فالانتفاع إنما يلاقي الحلال مقصودًا ...... وكذلك يجوز بيعه مع بيان العيب عندنا، ولا يجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى؛ لأنه نجس العين كالخمر، ولكنا نقول: النجاسة للجار، لا لعين الزيت، فهو كالثوب النجس يجوز بيعه، وإن كان لا تجوز الصلاة فيه» (١).

فهنا الحنفية أجازوا بيع الزيت المتنجس والانتفاع به في غير الأكل بشرط أن يكون الزيت متنجسًا لا نجسًا، وأن يكون الزيت الطاهر هو الغالب، ففرقوا في الحكم بين بيع نجس العين مما لم يجر الانتفاع به كالخنزير فلا يجوز بيعه، ولا الانتفاع به، وبين نجس جرى الانتفاع به من غير نكير، فأجازوا بيعه والانتفاع به في غير الأكل كالسرجين، ومثله الزيت الطاهر تقع فيه النجاسة فتنجسه، ويكون الزيت هو الغالب فيجوز بيعه والانتفاع به.

وأجاز الحنابلة في قول في المذهب بيع النجس إذا كان مشتملًا على نفع (٢)،


(١) المبسوط (١٠/ ١٩٨).
(٢) في مذهب الحنابلة قول في جواز بيع النجس إذا كان فيه نفع.
جاء في الفروع (١/ ٨): «قال مهنا: سألت أحمد عن السلف في البعر والسرجين، قال: لا بأس، وأطلق ابن رزين في بيع نجاسةٍ قولين». وانظر الإنصاف (١/ ٨٩ - ٩٠).
وفي الإنصاف أيضًا (٤/ ٢٨٠): «ولا يجوز بيع السرجين النجس، هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. وقطع به كثير منهم. وخُرِّج قول بصحة بيعه من الدهن النجس. قال مهنا: سألت أبا عبد الله عن السلم في البعر والسرجين؟ فقال: لا بأس. وأطلق ابن رزين في بيع النجاسة وجهين. وأطلق أبو الخطاب جواز بيع جلد الميتة. قال في الفروع: فيتوجه منه بيع نجاسة يجوز الانتفاع بها ولا فرق، ولا إجماع». اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>