للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه اتفاقًا، وإن كان التسعير لغيره، فلا يكون إلا إذا كان الإمام عدلًا، ورآه مصلحة، بعد جمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء» (١).

وهذا الشرط لحظ فيه المالكية أن الإمام إذا لم يكن عادلًا ربما قصد من التسعير ظلم الناس، بائعًا كان، أو مشتريًا؛ لأن التسعير سلاح ذو حدين، إن ظلم به الإمام أرباب السلع امتنعوا عن بيع سلعهم، وإن ظلم به العامة ضيق عليهم في أرزاقهم، وأقواتهم، فكان الإمام العادل يتحرى الإنصاف في التسعير، ولذلك قالوا: يسعر بعد أن يجمع أهل السوق ليطلع على القيمة الحقيقية للسلع، لا وكس، ولا شطط، والله أعلم.

الحال الثالثة: أن تكون السلعة المسعرة مما يحتاجها عامة الناس.

لأن التسعير إنما جاز مراعاة للمصلحة العامة، والمصلحة العامة: تعني بذلك قيام الحاجة العامة لدى الناس إلى مثل تلك السلعة.

وبهذا المعنى يقول الحنفية: «ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس ... إلا إذا تعلق به دفع ضرر العامة ... » (٢).

ويقول ابن تيمية: «وما احتاج إلى بيعه وشرائه عموم الناس، فإنه يجب ألا يباع إلا بثمن المثل، إذا كانت الحاجة إلى بيعه وشرائه عامة.

ومن ذلك أن يحتاج الناس إلى صناعة ناس، مثل حاجة الناس إلى الفلاحة، والنساجة، والبناية، فإن الناس لابد لهم من طعام يأكلونه، وثياب يلبسونها، ومساكن يسكنونها، فإذا لم يجلب لهم من الثياب ما يكفيهم، كما كان يجلب إلى الحجاز على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... احتاجوا إلى من ينسج لهم


(١) التاج والإكليل (٦/ ٢٥٤).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ٩٣)، شرح فتح القدير (١٠/ ٥٩)، تبيين الحقائق (٦/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>