للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في البيان والتحصيل: «وسئل عن قوم يجتمعون في البيع، يقولون: لا نزيد على كذا، وكذا، فقال: لا والله، ما هذا بحسن.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن تواطؤهم على ذلك إفساد على البائع، وإضرار به في سلعته ... » (١).

وقال ابن تيمية: «منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة، وأصحابه القسامين، الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة، أن يشتركوا، فإنهم إذا اشتركوا والناس يحتاجون إليهم أغلوا عليهم الأجرة، فمنع البائعين الذين تواطؤوا على أن لا يبيعوا إلا بثمن قدروه أولى، وكذلك منع المشتري إذا تواطؤوا على أن يشتركوا، فإنهم إذا اشتركوا فيما يشتريه أحدهم حتى يهضموا سلع الناس أولى أيضًا.

فإذا كانت الطائفة التي تشترى نوعًا من السلع، أو تبيعها، قد تواطأت على أن يهضموا ما يشترونه، فيشتروه بدون ثمن المثل المعروف، ويزيدوا ما يبيعونه بأكثر من الثمن المعروف، وينموا ما يشترونه، كان هذا أعظم عدوانًا من تلقى السلع، ومن بيع الحاضر للبادي، ومن النجش، ويكونون قد اتفقوا على ظلم الناس حتى يضطروا إلى بيع سلعهم وشرائها بأكثر من ثمن المثل، والناس يحتاجون إلى ذلك وشرائه، وما احتاج إلى بيعه وشرائه عموم الناس فإنه يجب أن لا يباع إلا بثمن المثل، إذا كانت الحاجة إلى بيعه وشرائه عامة» (٢).

هذه هي الحالات التي ذكرها الفقهاء، والتي كانت تستدعي في عصرهم إلى علاجها عن طريق التسعير.


(١) البيان والتحصيل (٧/ ٣٦٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>