للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ويناقش]

ليس الكلام على جواز الزيادة والحط، وإنما الخلاف في تكييف هذه الزيادة والحط، هل هما تبرع باعتبار أن العقد أصبح لازمًا بالثمن الأول، أو رجوع عن العقد الأول إلى عقد آخر بحيث تلحق بالثمن في بيوع الأمانة ونحوها.

[الدليل الثاني]

أن الزيادة والحط غيرا العقد عن وجهه الأول وهو كونه بذلك المقدار إلى كونه بهذا المقدار ورأينا أن الشرع أثبت لهما ولاية تحويل العقد من صفة إلى صفة، فلهما أن يحولا العقد من عدم اللزوم إلى اللزوم بإسقاط الخيار، وعكسه بإلحاق الخيار وكذا من كونه حالا إلى مؤجل بإلحاق الأجل.

ومن وجوده بعد تحققه في الوجود إلى إعدامه بلا سبب سوى اختيارهما، كما لو أَقَالَ أحدهما الآخر، فأولى أن يثبت لهما تغييره من وصف كونه رابحًا إلى خاسر، أو خاسرًا إلى رابح وإلى كونه عدلًا؛ لأن التصرف في صفة الشيء أهون من التصرف في أصله (١).

وقيل: تكون هبة مطلقًا، فإن قبضها صارت ملكًا له، وإلا تبطل، وهذا قول زفر من الحنفية (٢)، وأحد القولين في مذهب المالكية (٣)، ومذهب الشافعية (٤)،


(١) انظر فتح القدير (٦/ ٥٢٠ - ٥٢١)، وانظر العناية بهامش الكتاب.
(٢) بدائع الصنائع (٥/ ٢٥٨).
(٣) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٠٠)،.
(٤) فتح العزيز (٩/ ١٠)، وقال في المهذب (١/ ٢٨٩): «فإن اشترى بثمن، ثم حط البائع عنه بعض الثمن، أو ألحق به زيادة، نظرت: فإن كان بعد لزوم العقد، لم يلحق ذلك بالعقد، ولم يحط في بيع المرابحة ما حط عنه، ولا يخبر بالزيادة فيما زاد؛ لأن البيع استقر بالثمن الأول، فالحط والزيادة تبرع لا يقابله عوض، فلم يتغير به الثمن، وإن كان ذلك في مدة الخيار لحق بالعقد، وجعل الثمن ما تقرر بعد الحط والزيادة ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>