للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجسًا، حكمه حكم ميتته، فلما جاز أخذه، علم أنه ليس جزءًا من الحيوان، وأنه طاهر مطلقًا في حياة الحيوان، وبعد موته.

وإذا كان الشعر والصوف والوبر طاهرًا يباح الانتفاع به، كان جواز بيعه فرعًا عن طهارته، وإباحة الانتفاع به.

[الدليل الرابع]

أن المقصود من تحريم الميتة ما يتأتى فيه الأكل، والدليل قوله تعالى في الآية الأخرى {قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً} [الأنعام:١٤٥].

(ح-١٤٩) وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس، وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الميتة: «إنما حرم أكلها» (١).

فلما لم يكن الشعر والصوف والوبر من المأكول لم يتناوله التحريم، وكما خصصنا جلد الميتة المدبوغ بالإباحة للآثار الواردة فيه، وجب تخصيص الشعر، والصوف، وما لا يتأتى فيه الأكل من جملة المحرم لقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [الأنعام:٨٠].

وقوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل:٥] والدفء: ما يتدفأ به من شعر، وصوف، ووبر (٢).

[دليل من استثنى شعر الخنزير من شعر الميتة.]

رأى أصبغ من المالكية أن شعر الخنزير يختلف عن شعر الميتة، ووجه الفرق بينهما: أن الخنزير محرم حيًا وميتًا، لا يجوز بيعه بحال لا حيًا ولا ميتًا، ولا


(١) صحيح البخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣).
(٢) انظر أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>