للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: المنافع من الأموال، وهو مذهب الجمهور، وهو الصحيح (١).

[ثمرة الخلاف]

تظهر ثمرة الخلاف في بعض الأبواب كالضمان والإجارة:

فيرى الحنفية أن المنافع لا تضمن بالغصب والإتلاف خلافًا للجمهور، فمن غصب دارًا، فسكنها سنين لم تجب عليه أجرتها، وعند الجمهور تلزمه (٢).

كما يرى الحنفية أن المستأجر إذا مات قبل انتهاء مدة الإيجار فإن العقد ينتهي بموته؛ لأن المنفعة ليست مالًا حتى تورث خلافًا للجمهور الذين يجعلون الورثة يحلون محل مورثهم حتى تنتهي مدة الإيجار، والله أعلم (٣).


(١) العناية شرح الهداية (٣/ ٣٤٠)،
(٢) يستثني الحنفية من هذا الحكم ثلاثة أشياء: الموقوف، ومال اليتيم، والأعيان المعدة للاستغلال، فإذا غصب أحد أعيانها ضمن منافعها، انظر رد المحتار (٥/ ٥٨).
والذي دفع الحنفية إلى هذا الاستثناء شعورهم أن عدم ضمان هذه المنافع مخالف للإصلاح، وهل كانت المنافع إلا جنسًا واحدًا، فما ضمن هنا كان يجب أن يضمن نظيره هناك، وعصمة مال اليتيم كعصمة غيره، فالله المستعان.
(٣) يقول الدبوسي الحنفي في تأسيس النظر: «الأصل عند الإمام القرشي أبي عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي رحمه الله أن المنافع بمنزلة الأعيان القائمة، وعندنا بمنزلة الأعيان في جواز العقد عليها لا غير، أي عقد الإجارة، وعلى هذا:
١ - قال علماؤنا: إن من غصب دارًا، فسكنها سنين، لا أجرة عليه، وعند الشافعي تجب قيمة المنافع، وهي الأجرة، كما لو غصب عينًا من الأعيان، فاستهلكها، فإنه يضمن قيمتها.
٢ - وعلى هذا قال الشافعي: إن الإجارة في المشاع جائزة؛ لأن المنافع عنده بمنزلة الأعيان القائمة ... وعندنا لا يجوز الإيجار في المشاع من الأجنبي - وهو هنا غير الشريك - أما إيجار أحد الشريكين حصته الشائعة من الشريك الآخر فجائز.
٣ - وعلى هذا قال الإمام الشافعي: إن الإجارة لا تنفسخ بالأعذار؛ لأن المنافع بمنزلة الأعيان القائمة، ولو باع عينًا ليس له أن ينقض البيع بالعذر، فكذلك هاهنا، وعندنا تنقض الإجارة بالأعذار.
٤ - وعلى هذا قال الشافعي: إن الإجارة لا تنقض بموت أحد العاقدين، وعندنا تنقض.

٥ - وعلى هذا قال الشافعي: إن الإجرة تجب بنفس العقد بمنزلة الأعيان المبيعة في وجوب ثمنها، وعندنا تجب ساعة ويومًا فيومًا إذا لم يشترط في عقد الإجارة خلافه».

<<  <  ج: ص:  >  >>