للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقرن النهي عن ثمن الكلب بالنهي عن مهر البغي، وحلوان الكاهن، وهما محرمان إجماعًا، فدل على أن النهي للتحريم.

قال ابن عبد البر: «لا خلاف بين علماء المسلمين في أن مهر البغي حرام .... والبغي الزانية: والبغاء: الزنى، قال الله عز وجل {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم:٢٨] ... وكذلك لا خلاف في حلوان الكاهن: أنه ما يعطاه على كهانته، وذلك كله من أكل المال بالباطل» (١).

قلت: الاستدلال بالنهي أولى، لأن الأصل في النهي التحريم، وأما دلالة الاقتران فهي دلالة ضعيفة، ولذلك قرن الرسول - صلى الله عليه وسلم - النهي عن ثمن الكلب بالنهي عن كسب الحجام، والأول حرام، والثاني مكروه.

يقول القرطبي في المفهم: «فإن قيل: فقد سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين ثمن الكلب، وبين مهر البغي، وحلوان الكاهن، وهما محرمان بالإجماع، فليكن ثمن الكلب كذلك. فالجواب: إنا كذلك نقول، لكنه محمول على الكلب الغير مأذون فيه، ولئن سلمنا أنه متناول للكل، لكن هذا النهي ها هنا قصد به القدر المشترك الذي بين التحريم والكراهة، إذ كل واحد منهما منهي عنه، ثم تؤخذ خصوصية كل واحد منهما من دليل آخر، كما قد اتفق هنا، فإنا إنما علمنا تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن بالإجماع، لا بمجرد النهي ... ثم استدل على ذلك بحديث رافع ابن خديج: شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام» فشرك بالعطف بين مهر البغي وثمن الكلب، وكسب الحجام في (شر الكسب)


(١) الاستذكار (٦/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>