للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها السفن ويدهن بها الجلود .. الخ أي فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع؛ فإنه مقتضية لصحة البيع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا هو حرام، أي البيع، فكأنهم قالوا: أرأيت شحوم الميتة، فهل يجوز بيعها؛ لأنها تطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، فقال: لا هو حرام، فهذه المنافع، وإن كانت جائزة، فليست مسوغة لجواز بيعها.

قال النووي: «والضمير في (هو) يعود إلى البيع لا إلى الانتفاع، هذا هو الصحيح عند الشافعي وأصحابه ... وبهذا قال أيضًا عطاء بن أبي رباح، ومحمد ابن جرير الطبري» (١).

ورجح ذلك ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى (٢).

ويدل له ما نقله الحافظ في الفتح، ونسبه إلى مسند أحمد، قال الحافظ:

«قال أحمد: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح،

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح: إن الله حرم بيع الخنازير وبيع الميتة، وبيع الخمر، وبيع الأصنام. قال رجل: يا رسول الله فما ترى في بيع شحوم الميتة؛ فإنها تدهن بها السفن والجلود، ويستصبح بها، فقال: قاتل الله يهود ... وذكر الحديث (٣).

[لفظ «فما ترى في بيع شحوم الميتة» غير محفوظ، والمحفوظ «فما ترى في شحوم الميتة»] (٤).


(١) شرح النووي لصحيح مسلم (١١/ ٦).
(٢) انظر زاد المعاد (٥/ ٧٤٩).
(٣) فتح الباري (٤/ ٤٢٥).
(٤) رجعت إلى المسند المطبوع، ولم أجد فيه قوله (فما ترى في بيع شحوم الميتة) وإنما فيه: ما ترى في شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود .. بما يوافق رواية الصحيحين. فلعل النسخة التي اطلع عليها الحافظ كان فيها اللفظ المذكور، ثم إن رواية أبي عاصم خارج المسند أيضًا ليس فيها ما ذكره الحافظ، فقد أخرجه مسلم (١٥٨١)، وأبو داود (١٨٧٣)، وأبو عوانة في مسنده (٣/ ٣٧٠)، والبيهقي (٦/ ١٢) وفي السنن الصغرى له (٥/ ٢٢٠) من طريق أبي عاصم به.
ولم يذكر مسلم لفظ الحديث، وإنما قال: بمثل حديث الليث، يعني عن يزيد بن أبي حبيب به، والمثلية تقتضي أنه رواه بلفظه، ولفظ الليث ليس فيه (فما ترى في بيع شحوم الميتة).
وأبو داود قدم لفظ الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، ثم رواه من طريق أبي عاصم، وقال: نحوه.
بينما أبو عوانة والبيهقي ساقا نص رواية أبي عاصم، وفيها: «فما تقول - والبيهقي فما ترى - في شحوم الميتة»، ولم يذكرا لفظ البيع.
وقد رواه أبو أسامة عن عبد الحميد ولم يذكر ما ذكره أبو عاصم من الطريق الذي أشار اليه الحافظ، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٠٩)، ومسلم (١٥٨١)، وأبو يعلى (١٨٧٣)، وابن حبان (٤٩٣٧) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن عبد الحميد به، بلفظ: (فما ترى في شحوم الميتة).
كما رواه الليث عن يزيد بن أبي حبيب في البخاري (٢٢٣٦، ٤٢٩٦، ٤٦٣٣)، ومسلم (١٥٨١)، ولم يذكر اللفظ الذي أشار إليه الحافظ، وبالتالي أرى إن كان لفظ (فما ترى في بيع شحوم الميتة) موجودًا في نسخة من المسند أن يكون هذا اللفظ غير محفوظ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>